شريط اعلانات

اخوتي في مشارق الارض و مغاربها .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. هذه مدونة متواضعة الهدف منها: -خدمة الشريعة .. - نشر العلم النافع .. - تصحيح ما تيسر من المفاهيم الخاطئة .. -الترويح عن النفوس ببعض الملح و النوادر و الحكم .. - و ان تكون صدقة جارية بعد مفارقة هذه الحياة الفانية .. والعضوية فيها مفتوحة لكل من يؤمن بهذه الاهداف ليشارك في خدمة الاسلام و نفع المسلمين . مشاركتكم تقوينا .. وتعليقكم ينفعنا .. و زيارتكم تشجعنا*** اقرأ في هذه المدونة : المظاهر خداعة -الاسلام دين الفطرة و الانسجام مع الكون - من طرائف الطلاب (من هنا و هناك) - علمتني الطبيعة - وحوش المجرة- يمكن البحث في مواضيع المدونة و أرشيفها من خلال زر البحث - و يمكن ترجمتها الى أكثر من 40 لغة من خلال زر الترجمة

الأحد، نوفمبر 06، 2011

العلمانية وتكريم المرأة!

تشغل مسألة تكريم المرأة حيِّزًا كبيرًا من الجدل الفكري بين أصحاب الأيديولوجيَّات والنظريات المختلفة، فكلٌّ يزعُم أنَّ ما عنده هو تكريم المرأة.

ويزعُم العلمانيُّون أنَّ هذه القضيَّة من قضاياهم الرابحة، وأنَّه لم ينجح أحدٌ في حمْل لواء هذه القضيَّة كما نجحوا هم؛ فهم معتنِقو قضايا المرأة، والمنظِّرون لها، والمطالبون بِحقوقِها التي انتزعتها منها الأديان والأعراف عامَّة، والدين الإسلامي خاصَّة.


وأنا - إحقاقًا للحقِّ - عليَّ أن أعترف أنَّ الإسلام وضَعَ من القيود على المرأة ما لم تضعْه العلمانيَّة، فمثلاً: 

في مجال العمل، تُعطيها العلمانيَّة الحقَّ في أن تعمل كلَّ عمل، وتضطلع بأيِّ منصبٍ بلا أدْنى قيد أو تحرُّز، فتفتح لها ذلك الباب على مصراعيْه، فتمكِّنُها من العمل كرئيسة ووزيرة، وسائقة شاحنة وسجَّانة تنفِّذ حكم الإعدام، وأمَّا الإسلام، فيسمح لها ببعض الوظائف، ويمنعُها من مزاولة بعضٍ آخر.

وفي أمور الملبس والأزياء، تُعطي العلمانيَّة المرأة الحقَّ أن تلبس ما تشاء، بأي لون شاءتْ، وعلى أي صفة كانت، والإسلام يقيِّدها في هذا كله.


وفي جانب ثالث - كالرياضة - ترحِّب العلمانيَّة بها بطلةَ ألعاب قوى، وملاكمة، ومصارعة حرَّة، وما دون ذلك، وأمَّا الإسلام، فلا يسمح لها من الرِّياضة إلاَّ بما يُلائم طبيعتَها، مشروطًا بشروط أخرى.


غير أنِّي أعترف كذلك أنَّ الإنسان الأمين الَّذي لا يَجمع مالَه إلاَّ من طرُق مشروعة،
 بعيدًا عن النَّصب والاحتِيال، هو أكثر تقيُّدًا وأقلُّ حريَّة من ذلك الجشِع المحتال، الذي لا يبالي بأيِّ عُرْف أو فضيلة في سبيل جمع المال واكتِنازه.

وأنَّ الموظَّف الذي يراعي ضميرَه ويتْقِن عمله المنوط به، فلا يتأخَّر عن مواعيد عملِه، ولا يخرج قبل انتهائِه - هو أكثرُ تقيُّدًا وأقلُّ حريَّة من زميلِه المتلاعب الَّذي لا يتقيَّد بوقت حضور وانصراف، ولا بأْس عندَه من تضْييع أعمال المواطنين في سبيل حرِّيَّته.


وأنَّ الإنسان المهذَّب الخلق هو أقلُّ حرِّيَّة من غيره في تعامُله مع الآخرين؛
إذ لا يقدر على نَهر والديْه وزجرهما، أو شتْم الآخَرين وسبِّهم وإيذائهم، كما يفعله صاحب الوقاحة والصفاقة.

وذكرتُ في مقالة سابقة حول الحريَّة الشخصيَّة في الإسلام: أنَّ كثيرًا من المؤسَّسات والهيئات تقوم بتقْييد حريَّة منسوبيها في كثيرٍ من الأمور؛ لأنَّ في ذلك مصلحةً كبيرة لهم.


فماذا تقول العلمانية في مثل هذه القيود؟
أهي كبت لحرية الناس أيضًا، وأن للإنسان أن يكسب ماله كيف يشاء ولو بالنَّصب والاحتيال، ولا يتقن الموظف عمله ولا يتقيد في تعامله مع الآخرين، وينهر والديه ويزجرهما ويسيء إليهما كيف شاء، وحرصًا على حريته فليفعل ما يشاء، في الوقت الذي يشاء، على الوجه الذي يشاء، أهذا ما تريده العلمانية من المجتمع الحر؟!

إذًا؛ فالتقْيِيد ليس مذمومًا مطلقًا، والتحرُّر ليس ممدوحًا مطلقًا.


فلنعُد إذًا إلى مسألة تكْريم المرأة في العلمانيَّة.


ماذا قالت العلمانيَّة في هذا؟ وكيف صنعت فيه؟

دعونا من العلمانيَّة التنظيريَّة، ولننظر في العلمانيَّة التطبيقيَّة على أرض الواقع.

أيُّهما أكثر بروزًا في اللَّوحة العلمانيَّة: عقل المرأة أم جسدها؟ 

يُمكنُنا أن نقول: جسد المرأة هو الأظهر في المشهد العلماني، ويُمكن للعلمانيِّين أن يقولوا: بل عقلها، ولكن لنترُك الواقع لعلَّه يقول الصدْق بلا مواراة ولا مواربة.

لنسأل: ما هو سلاح أجهِزة المخابرات الأمضى في تجْنيد الجواسيس واقتِناص المعلومات من كبار القادة والمسؤُولين؟ إنَّه المرأة لا ريب!


لكن أهو ذكاؤُها وعقلها واحترام شخصيَّتها هو المعين لها في نجاحها في تحقيق ما تُريده تلكم الأجهزة؟ كلا، بل هو أوَّلاً وأخيرًا، وباعتِراف المرأة واعتِراف هذه الأجهزة، واعتِراف الضَّحايا جميعًا: جسدها، قولاً واحدًا.


أعقلها أم جسدها هو الَّذي يجعلها تظهر دائمًا شبه عاريةٍ خلْفَ منتج أيِّ شركة تريد ترْويج منتجها إعلاميًّا؟!


ما نسبة استِخْدام الرجل في الدعاية والإعلان بجانب نسبة المرأة؟ أمصدر تفوُّقها على الرجل في هذا المضْمار كون النَّاس يَحترمون عقلها فيثِقون بما تكون مروِّجة له من سلع؟!
أم أنَّها تستخدم جسدها فتحقِّق به ما لا يحقِّقُه الرَّجل؟!

أعقلها أم جسدها هو سرُّ نجاحها في مضمار السكرْتارية وضيافة الطَّيران ونحو ذلك؟!


أعقلها أم جسدها هو الَّذي يجعل نشر صُوَرها وسيلةً تلجأ إليْها المجلاَّت الكاسدة هابطة الموضوعات، فتَروج وتنتشر ويصبح لها قاعدة عظمى من القراء؟!


إذا كانت المرأة في ظلال العلمانيَّة مكانتها بعقْلِها لا بجسدها، فلماذا لا تتغلَّب المرأة على عقدة تعْرية الجسد ولبْس الفاتن من الثياب، مع التفنُّن اللامحْدود في ذلك، ولو كانت هذه المرأة تشغل منصبًا سياسيًّا أو علميًّا؟!


لماذا لا يحرِص الرَّجُل على إظهار شيءٍ من جسدِه كما تحرص عليه المرأة؟
 بل نجِده يجد تأنُّقه عندما يلبس ما يستر جسدَه كله، والمرأة لا يكمل تأنُّقها - في ظلال العلمانيَّة - حتَّى تبدي أكبر قدر ممكن من مفاتنها؟!

أهو الشعور بالنَّقص عند المرأة راحت تكمله بذلك؟


أم أنَّ المرأة هي المرأة مهْما كانت في أي زمان ومكان، والرَّجُل هو الرجل في كلِّ زمان ومكان، فهما مختلِفان في كثيرٍ من الأشياء وليسا متماثلَين كما تقول العلمانيَّة الشَّمطاء؟!


يُمكنك الآن - أيها القارئ - أن تحكم أنت بنفسك:
هل العلمانية تحترم عقل المرأة حقًّا مع ما ذكرْناه من حال المرأة فيها؟

أم احترام عقْلها وتكريمها هو فيما جاء به الإسلام دين الفِطْرة، الذي راعى طبيعتها الجسديَّة والنفسيَّة المغايرة لطبيعة الرجُل، فصانها بحجابِها لئلاَّ تكون سلعةً تباع وتشترى، ومنعها من ممارسة ما يُنافي طبيعتها الأنثويَّة، ومع ذلك كلَّفها تكليفًا شرعيًّا كما كلَّف الرجُل، وأناط بها واجبات شرعيَّة كما أناطها بالرجُل، ووعدها الثَّواب إن أحسنت والعقاب إن أساءت كما وعد الرجل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق