شريط اعلانات

اخوتي في مشارق الارض و مغاربها .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. هذه مدونة متواضعة الهدف منها: -خدمة الشريعة .. - نشر العلم النافع .. - تصحيح ما تيسر من المفاهيم الخاطئة .. -الترويح عن النفوس ببعض الملح و النوادر و الحكم .. - و ان تكون صدقة جارية بعد مفارقة هذه الحياة الفانية .. والعضوية فيها مفتوحة لكل من يؤمن بهذه الاهداف ليشارك في خدمة الاسلام و نفع المسلمين . مشاركتكم تقوينا .. وتعليقكم ينفعنا .. و زيارتكم تشجعنا*** اقرأ في هذه المدونة : المظاهر خداعة -الاسلام دين الفطرة و الانسجام مع الكون - من طرائف الطلاب (من هنا و هناك) - علمتني الطبيعة - وحوش المجرة- يمكن البحث في مواضيع المدونة و أرشيفها من خلال زر البحث - و يمكن ترجمتها الى أكثر من 40 لغة من خلال زر الترجمة

الأربعاء، نوفمبر 28، 2012

دروس و عبر من قصة موسى و الخضر (عليهما السلام)

دروس و عبر من قصة موسى و الخضر (عليهما السلام)


د. عبد الله بن حمَّاد القرشي
 موقع حب الإســلام
www.islam-love.com
 
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
     الحمد لله القائل { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين } ([1]) والقائل جل في علاه {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين } ([2]) أحمد سبحانه أن جعل في أخباره عبرة واتعاظا ، وحكما وأسرارا ، يتعظ بها أولو الألباب . والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله   وصحبه أجمعين    وبعد :
     فإن من أعجب قصص القرآن قصة موسى والخضر عليهما السلام ، تلك القصة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتطلع إلى أحداثها ، ويتمنى أن لو طالت فصولها ، بل عتب على موسى عليه السلام ؛ إذ كان سببا في قطع وقائعها    فقال عليه الصلاة والسلام :{ ‏يرحم الله ‏ ‏موسى ‏ ‏لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما }([3])
     وهذه القصة الجليلة المليئة بالعبر والعظات بنى عليها أهل البدع والتصوف أصولا لمعتقداتهم الباطلة ، وليس لهم فيما ذهبوا إليه من حجة ولا برهان ، بل هي أوهام أملاها عليهم الهوى ، فأوقعهم في مهاوي الردى .
     ولأجل ما سبق فقد رغبت في الوقوف على أسرار تلك القصة العجيبة مستجليا معانيها ، مقتنصا عبرها وفوائدها .
وقد رسمت لبحثي خطة صدرتها بهذه المقدمة التي شملت أهمية الموضوع ، وأسباب اختياره ، ومجمل خطة البحث ، وعملي فيه .
ثم أعقبتها بفصلين : جعلت الأول منهما : في مقدمات بين يدي القصة ، وضمنته مبحثان :
المبحث الأول : في التعريف بالخضر ، وسبب تسميته بذلك ،  وهل هو نبي ، أو ولي ؟
المبحث الثاني : هل الخضر حي أو ميت ؟
الفصل الثاني : في شرح الآيات واستنباط العبر والدروس .

الفصل الأول
مقدمات بين يدي القصة
المبحث الأول
في التعريف بالخضر وسبب التسمية بذلك
اختلف اختلافا كثيرا في اسم ونسب الخضر عليه السلام –والله أعلم بحقيقة نسبه- لكن سأذكر بعضا من تلك الأقوال :
أما اسمه فقيل:
-   اسمه عامر ، وقيل: بليان بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح.وقيل: إن اسمه المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد ، وغير ذلك من الأقوال . ([4])
    وأما نسبه فمختلف فيه كذلك :
-   قيل: هو ابن آدم لصلبه ، وقيل: إنه ابن قابيل بن آدم ، وقيل: إنه من سبط هارون أخي موسى ، وقيل: إنه من ولد بعض من كان آمن بإبراهيم وهاجر معه من أرض بابل ، وغير ذلك من الأقوال .([5]) 
وأما سبب تسميته بالخضر ([6]) فقد تعددت الأقوال في ذلك ([7]). والصواب من تلك الأقوال ما ثبت  في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أنه قال: إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة ([8]) بيضاء، فإذا هي تهتز  من خلفه خضراء }. ([9])

هل الخضر نبي أو ولي ؟

اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافا كثيرا ([10]) ، ويقصر المقام هنا في بسط هذه المسألة ، ولكن نذكر الراجح من القولين والإشارة إلى بعض الأدلة في ذلك .
رجح المحققون من العلماء إلى أن الخضر عليه السلام نبي من أنبياء الله عز وجل ،   وممن رجح هذا القول من العلماء : الطبري ، وابن كثير ، وابن حجر ، وابن الجوزي وغيرهم من العلماء .
وقد استدلوا على ذلك بأدلة منها :
1-      ومن أظهر الأدلة في أن الرحمة والعلم اللدني اللذين امتن الله بهما على عبده الخضر عن طريق النبوة والوحي قوله تعالى عنه: {وما فعلته عن أمري} أي: وإنما فعلته عن أمر الله جل وعلا، وأمر الله إنما يتحقق عن طريق الوحي؛ إذ لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه إلا الوحي من الله جل وعلا.ولا سيما قتل الأنفس البريئة في ظاهر الأمر، وتعييب سفن الناس بخرقها.    لأن العدوان على أنفس الناس وأموالهم لا يصح   إلا عن طريق الوحي من الله تعالى . ([11])
2-      أن الخضر أقدم على قتل الغلام ، وما ذلك إلا للوحي إليه من الملك العلام .وهذا دليل مستقل على نبوته ، وبرهان ظاهر على عصمته ،  لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده ،    لأن خاطره ليس بواجب العصمة ، إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق . ([12])

المبحث الثاني
هل الخضر حي الآن أو ميت ؟
اختلف في هذه المسألة أيضا بين قائل بموته وقائل بحياته ، والصواب الأول ومن ذهب إلى ذلك : البخاري ، والطبري ، وابن كثير ، وابن تيمية ، وابن حجر ،  وابن الجوزي وغيرهم .
والأدلة على موته كثيرة جدا نشير إلى بعضها اختصارا ومنها :
1-      ظاهر عموم قوله تعالى: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخـٰلدون} ([13]) ، فقوله «لبشر» نكرة في سياق النفي فهي تعم كل بشر  فيلزم من ذلك نفي الخلد عن كل بشر من قبله. والخضر بشر من قبله.فلو كان شرب من عين الحياة وصار حيا خالدا إلى يوم القيامة لكان الله قد جعل لذلك البشر الذي هو الخضر من قبله الخلد. ([14])

2-      قول النبي صلى الله عليه وسلم «ما من نفس منفوسة اليوم تأتي مائة سنة وهي حية يومئذ» ([15]) فقوله «نفس منفوسة» ونحوها من الألفاظ في روايات الحديث نكرة في سياق النفي فهي تعم كل نفس مخلوقة على الأرض. ولا شك أن ذلك العموم بمقتضى اللفظ يشمل الخضر، لأنه نفس منفوسة على الأرض . ([16])
3-       أن الخضر لو كان حيا إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم لكان من أتباعه، ولنصره وقاتل معه، لأنه مبعوث إلى جميع الثقلين الإنس والجن ويوضح هذا أنه تعالى بين في سورة «آل عمران»: أنه أخذ على جميع النبيين الميثاق المؤكد أنهم إن جاءهم نبينا صلى الله عليه وسلم مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به وينصرونه، وذلك في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }. ([17])
فالخضر إن كان نبيا أو وليا فقد دخل في هذا الميثاق. فلو كـان حيا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه، يؤمن بما أنزل الله عليه، وينصره أن يصل أحد من الأعداء إليه. لأنه إن كان وليا فالصديق أفضل منه. وإن كان نبيا فموسى أفضل منه. ([18])
قال الشنقيطي مجملا ضعف أدلة القائلين بحياة الخضر عليه السلام :
((فتحصل أن الأحاديث المرفوعة التي تدل على وجود الخضر حيا باقيا لم يثبت منها شيء. وأنه قد دلت الأدلة المذكورة على وفاته، كما قدمنا إيضاحه. وممن بين ضعف الأحاديث الدالة على حياة الخضر، وبقائه ـ ابن كثير في تاريخه وتفسيره. وبين كثيرا من أوجه ضعفها ابن حجر في الإصابة. وقال ابن كثير في البداية والنهاية بعد أن ساق الأحاديث والحكايات الواردة في حياة الخضر: وهذه الروايات والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم. وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جدا، لا تقوم بمثلها حجة في الدين. والحكايات لا يخلو أكثرها من ضعف في الإسناد. وقصاراها أنها صحيحة إلي من ليس بمعصوم من صحابي أو غيره. لأنه يجوز عليه الخطأ ( والله أعلم)، إلى أن قال رحمه الله: وقد تصدى الشيخ أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله في كتابه (عجلة المنتظر في شرح حالة الخضر) للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات ـ فبين أنها موضوعات، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم. فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوالها، وجهالة رجالها، وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد ـ ا هـ منه. ([19])
الفصل الثاني
عرض الآيات وتفسيرها واستنباط فوائدها
قال تعالى : {وإذ قال موسىٰ لفتاه لا أبرح حتىٰ أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} (60)
معنى الآية إجمالا :
‏لقصة موسى مع الخضر سبب وهو ما ثبت في الصحيحين  عن ‏أبي بن كعب ‏ قال : سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏قام موسى ‏ ‏عليه السلام ‏ ‏خطيبا في ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏فسئل أي الناس أعلم ؟ فقال: أنا أعلم . قال: فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك ...الحديث }([20])
عندئذ تطلعت همة موسى عليه السلام للقيا ذلك النبي الصالح مهما كلفه الأمر من صعاب ، فاستعان بفتاه يوشع بن نون قائلا له :لا أزال أمضي حتى يجتمع البحران فيصيرا بحرا واحدا ، بسير قريب ، أو أسير أزمنا طويلة فإني بالغ مجمع البحرين لا محالة حتى أجد ذلك العالم الصالح .
وفي هذه الآية فوائد منها :
1-      قال القرطبي : في هذا من الفقه رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم ، واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء وإن بعدت أقطارهم، وذلك في دأب السلف الصالح ، وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح، وحصلوا على السعي الناجح، فرسخت لهم في العلوم أقدام، وصح لهم من الذكر والأجر والفضل أفضل الأقسام . ([21])
2-      أن المسافر لطلب علم أو جهاد إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه ، وأين يريد ، فإنه أكمل من كتمه . فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له ، واتخاذ عدته ، وإتيان الأمر على بصيرة ، , وإظهار الشوق  لهذه العبادة الجليلة .  ([22])
3-      الاستعانة على الرحلة في طلب العلم بالصاحب والخادم , فقد اتخذ موسى فتاه يوشع تلميذا وخادما ، والفتى الشاب في كلام العرب .
4-      التعبير بـ{ فتاه} وإضافته إليه - على معنى الاختصاص كما يقال: غلامه- فيه فائدة وهي : شدة ملازمة يوشع لموسى عليهما السلام حتى وصف بالفتى ، ومنه وصفهم الإمام محمد بن عبد الواحد المطرز النحوي اللغوي بـ: غلام ثعلب ؛ لشدة اتصاله بالإمام : أحمد بن يحيى الشيباني الملقب بثعلب ))  ([23])
5-      والتعبير -أيضا- بـ: {فتى} فيه تأديب للسان ، وعدم جرح المشاعر .      قال القرطبي : ولما كان الخدمة أكثر ما يكونون فتيانا قيل للخادم فتى على    جهة حسن الأدب، وندبت الشريعة إلى ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يقل أحدكم عبدي ولا أمتي وليقل فتاي وفتاتي» ([24])          فهذا ندب إلى التواضع . ([25])
6-      ومن الفوائد : أنه لا بأس على العالم والفاضل أن يخدمه المفضول في الحضر والسفر ؛ لكفاية المؤن ، وطلب الراحة ، ودليله من القصة  حمل فتاه غداءهما ، . ([26])
7-       في قوله { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا } فيه توطين للنفس على تحمل التعب الشديد والعناء العظيم في السفر لأجل طلب العلم ، وذلك تنبيه على أن المتعلم لو سافر من المشرق إلى المغرب لطلب مسألة واحدة لحق له ذلك .  ([27])
      وفيه كذلك بيان علو همـة موسى عليه السلام وشدة رغبة في الاستزادة مـن
      العلم .
8-       وفي قوله -أيضا- { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا } توحيد الهمة وتفريغ النفس من المشاغل لطلب العلم . مأخوذ ذلك من تصميمه أن لا يزول عما هو فيه (( أي: لا يشتغل بشيء آخر حتى يبلغ مجمع البحرين )) ([28])
9-       وكأن في سبب تصميم موسى على بلوغ حاجته مهما كلف الأمر إشارة    إلى أن فتاه استعظم هذه الرحلة ، وخشى أن تنالهما فيها مشقة تعوقهما عن إتمامها . ولذلك كأنه أراد بإعلان تصميمه أن ييأس فتاه من محاولة رجوعهما ، وأن يشحذ عزيمته فتاه ليساويه في صحة العزم حتى يكونا على عزم متحد . فمن أراد الصاحب في السفر لطلب العلم فليختر أولي العزائم العوالي ، وليحذر من صحبة البطالين المثبطين . أشار إلى هذه الفائدة ابن عاشور رحمه الله تعالى . ([29])
{فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا}(61)
 معنى الآية إجمالا :
عندما أوحى الله لموسى { إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمَّ ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل. ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا  [السرب النفق الذي يكون في الأرض للضب ونحوه من الحيوانات ذلك أن الله سبحانه] أمسك عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق  [فشبه مسلك الحوت في البحر مع بقائه وانجياب الماء عنه بالسرب الذي هو الكوة المحفورة في الأرض] فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما...الحديث } ([30])
وفي هذه الآية فوائد منها :
10-    نسبة النسيان إليهما نسبة حقيقية وإن كان يوشع هو الموكل بحفظ الحوت ومراقبته إلا أن موسى عليه السلام هو القاصد بهذا العمل فكان يهمه تعهده ومراقبته . وهذا يدل على أن صاحب العمل أو الحاجة إذا وكَلَه إلى غيره    لا ينبغي له ترك تعهده .  ([31])
{فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غدآءنا لقد لقينا من سفرنا هـٰذا نصبا}(62)
معنى الآية إجمالا :
فلما جاوزا مجمع البحرين الذي جعل موعدا للملاقاة {قال لفتاه آتنا غداءنا} وهو ما يؤكل بالغداة، وأراد موسى أن يأتيه بالحوت الذي حملاه معهما .  لقد لقينا من سفرنا هٰذا تعبا وإعياء . قال المفسرون: الإشارة بقوله سفرنا هذا إلى السفر الكائن منهما بعد مجاوزة المكان المذكور كما نص على ذلك الحديث المتفق عليه  فإنهما لم يجدا النصب حتى جاوزا المكان الذي أمره الله به .
وفي الآية فوائد منها:
11-    اتخاذ الزاد في الأسفار، وهو رد على الصوفية الجهلة الأغمار، الذين يقتحمون المهامة والقفار، زعما منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار؛    هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد . وفي الحديث: إن ناسا من أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس، فأنزل الله تعالى {وتزودوا} ([32]) (البقرة: 197). ([33])
12-    في قوله تعالى { لقد لقينا في سفرنا هذا نصبا } فيه دليل على جواز الإخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض، وأن ذلك لا يقدح في الرضا،  ولا في التسليم للقضاء لكن إذا لم يصدر ذلك عن ضجر ولا سخط . ([34])
13- استحباب إطعام الإنسان لخادمه من مأكله ، وأكلهما جميعا ، لأن ظاهر قوله { آتنا غداءنا} إضافة إلى الجميع . ([35])
14-    أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به ، وأن الموافق لأمر الله يعان فلا يسرع إليه النصب والجوع . ذلك أن موسى لم يجد النصب إلا بعد مجاوزته مجمع البحرين , وأما سفره الأول فلم يشتك منه مع طوله ، لأنه سفر على الحقيقة ، وكما في قصة موسى -أيضا- في توجهه إلى ميقات ربه أربعين يوما ، وذلك في طاعة ربه فلم ينقل عنه أنه تعب ولا طلب غداء  ولا رافق أحدا  .وهكذا سفر القلب وسيره إلى ربه لا يجد فيه من الشقاء والنصب ما يجده في سفره إلى بعض المخلوقين .  أشار إلى ذلك ابن حجر ([36]) ،  وابن القيم ([37]) والسعدي .([38])

{قال أرأيت إذ أوينآ إلى الصخرة فإني نسيت الحوت ومآ أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} (63)
معنى الآية إجمالا :
 قال فتى موسى -متعجبا لموسى مما وقع له من النسيان هناك مع كون ذلك الأمر مما لا ينسى ، لأنه قد شاهد أمرا عجبا وموضع التعجب: أن يحيا حوت قد مات وأكل شقه ، ثم جعل الـحوت لا يـمس شيئا من البحر إلا يبس حتـى يكون صخرة  :أرأيت ما دهاني، أو نابني في ذلك الوقت والمكان الذي أوينا إليه وهو الصخرة التي كانت عند مجمع البحرين ، إذ لم أذكرك بأمر الحوت ، وما أنساني ذكره لك  إلا الشيطان .
وفي الآية من الفوائد :
15- البراعة في أسلوب الاعتذار وذلك من وجوه :
أ‌-   لما تقدم طلب موسى للغداء بعد أن مسه التعب والجوع لم يشأء فتاه أن يفجأه بالجواب مباشرة بل مهد لذلك بممهدات منها :
ب-البدء باستخدام أسلوب الاستفهام التعجبي (أرأيت ) " وهذا الأسلوب جار على ما هو المتعارف بين الناس أنه إذا حدث لأحدهم أمر عجيب قال لصاحبه أرأيت ما حدث لي؟ كذلك ههنا كأنه قال: أرأيت ما وقع لي منه إذ أوينا إلى الصخرة ، فحذف مفعول أرأيت لأن قوله: {فإني نسيت الحوت} يدل عليه " .  ([39])
 ومراده بالاستفهام: تعجيب موسى عليه السلام مما اعتراه هناك من النسيان مع كون ما شاهده من العظائم التي لا تكاد تنسى ،  يريد بذلك: تهويله
وتعجيب صاحبه منه وأنه مما لا يعهد وقوعه لا استخباره .
ج-ومن التمهيد قوله{إذ أوينا إلى الصخرة }ففيه أدب التمهيد لتقديم العذر ، فإن الإيواء إليها والنوم عندها مما يؤدي إلى النسيان عادة .  ([40])
د- ومن حسن الاعتذار بيانه أن النسيان الذي وقع لي ليس بتقصير مني  أو إهمال ، بل هو بسبب الشيطان ووسوسته .
16-    أن من مداخل الشيطان إعاقة الإنسان عن طلب العلم ، "فالشيطان كان يسوءه التقاء هذين العبدين الصالحين ، وما له من أثر في بث العلوم الصالحة ، فهو يصرف عنها ولو بتأخير وقوعها طمعا في حدوث العوائق "  ([41])
17-    في قوله :{وما أنسانيه إلا الشيطان} فيه جواز إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان ، على وجه التسويل والتزيين ، وإن كان الكل  بقضاء الله وقدره ([42])
18-    في إيقاع النسيان على اسم الحوت دون ضمير الغداء مع أنه المأمور بإيتائه قيل: للتصريح بما في فقده إدخال السرور على موسى عليه السلام  مع حصول الجواب . ([43])
{قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا علىٰ آثارهما قصصا * فوجدا عبدا من عبادنآ آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} (63، 64)
 معنى الآية إجمالا :
أي قال موسى لفتاه أمر الحوت وفقده هو الذي كنا نطلب ، فإن الرجل الذي جئنا له ثم؛ فرجعا يقصان آثارهما لئلا يخطئا طريقهما { فوجدا عند الصخرة خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه، قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك من سلام؟! من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم ...الحديث } ([44])
وهذا العبد المذكور في هذه الآية الكريمة هو الخضر عليه السلام بإجماع العلماء ، ودلالة النصوص الصحيحة على ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم . وقد آتيناه النبوة ، وعلمناه مما يختص بنا ولا يعلم إلا بتوفيقنا وهو علم الغيوب ، وموافقة الحق عند الله ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع .
  وفي الآية من الفوائد:
19-    العلم اللدني هو علم الوحي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا دليل " أنه لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه، وما يتقرب إليه به من فعل وترك إلا عن طريق الوحي. فمن ادعى أنه غني في الوصول إلى ما يرضي ربه عن الرسل، وما جاؤوا به ولو في مسألة واحدة فلا شك في زندقته. والآيات والأحاديث الدالة على هذا لا تحصى، قال تعالى: {وما كنا معذبين حتىٰ نبعث رسولا} ([45]) ولم يقل حتى نلقي  في القلوب إلهاما ... وبذلك تعلم أن ما يدعيه كثير من الجهلة المدعين التصوف من أن لهم ولأشياخهم طريقا باطنة توافق الحق عند الله ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع، كمخالفة ما فعله الخضر لظاهر العلم الذي عند موسى زندقة، وذريعة إلى الانحلال بالكلية من دين الإسلام، بدعوى أن الحق في أمور باطنة تخالف ظاهره " قاله الشنقيطي ([46])

  قال ابن حجر : ((ومن استدل بقصة الخضر على أن الولي يجوز أن يطلع من  خفايا الأمور على ما يخالف الشريعة ويجوز له فعله فقد ضل , وليس ما تمسك به صحيحا , فإن الذي فعله الخضر ليس في شيء منه ما يناقض الشرع , فإن نقض لوح من ألواح السفينة لدفع الظالم عن غصبها ثم إذا تركها أعيد اللوح جائز شرعا وعقلا ; ولكن مبادرة موسى بالإنكار بحسب الظاهر . وقد وقع ذلك واضحا في رواية أبي إسحاق التي أخرجها مسلم ولفظه : فإذا جاء الذي يسخرها فوجدها منخرقة تجاوزها فأصلحها ... وأما قتله الغلام فلعله كان في تلك الشريعة . وأما إقامة الجدار فمن باب مقابلة الإساءة بالإحسان)) . ([47])  ‏

{قال له موسىٰ هل أتبعك علىٰ أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر علىٰ ما لم تحط به خبرا } (65)
معنى الآية إجمالا :
قال موسى للعالـم: هل أتبعك علـى أن تعلـمن من العلـم الذي علـمك الله ما هو رشاد إلـى الـحق، ودلـيـل علـى هدى؟ قال العالـم: إنك لن تطيق الصبر معي، وذلك أنـي أعمل ببـاطن علـم علـمنـيه الله، ولا علـم لك إلا بالظاهر من الأمور، فلا تصبر علـى ما ترى من الأفعال . وكيف تصبر يا موسى علـى ما ترى منـي من الأفعال التـي لا علـم لك بوجوه صوابها، وتقـيـم معي علـيها، وأنت إنـما تـحكم علـى صواب الـمصيب وخطأ المخطئ بـالظاهر الذي عندك، وبـمبلغ علـمك، وأفعالـي تقع بغير دلـيـل ظاهر لرأي عينك علـى صوابها، لأنها تبتدأ لأسبـاب تـحدث آجلة غير عاجلة، لا علـم لك بـالـحادث عنها، لأنها غيب، ولا تـحيط بعلـم الغيب خبرا .
وفي الآيات من الفوائد :
20-  أنه: لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته ، وأن يتواضع لمن هو أعلم منه  . ([48])
       " وليس في ذلك ما يدل على أن الخضر أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل
        عن الفاضل وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص أحدهما بعلم لا يعلمه
        الآخر، فقد كان علم موسى علم الأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها، وكان
        علم الخضر علم بعض الغيب ومعرفة البواطن"  ([49])
21-    أن موسى سأل العالم سؤال الملاطف، والمخاطب المستنزل المبالغ في حسن الأدب، بقوله : هل أتبعك ؟ أي : هل يتفق لك ويخف عليك؟ وهذا أدب من آداب طالب العلم مع شيخه ومعلمه أن يلاطفه في الكلام . أشار إلى ذلك القرطبي ([50])

22-    أن موسى جعل نفسه تبعا للخضر له لأنه قال: {هل أتبعك}. فالمتعلم  تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب . أشار إلى ذلك الرازي ([51]) والقرطبي ([52]) ، وصديق حسن خان ([53])
23-  أنه استأذن في إثبات هذا التبعية فإنه قال: هل تأذن لي أن أجعل نفسي تبعا لك وهذا مبالغة عظيمة في التواضع .  ([54])
24-    أن قوله : {هل اتبعك} يدل على أنه يأتي بمثل أفعال ذلك الأستاذ لمجرد كون ذلك الأستاذ آتيا بها. وهذا يدل على أن المتعلم يجب عليه في أول الأمر التسليم وترك المنازعة والاعتراض.  ([55])
25-          أن قوله: {أتبعك} يدل على طلب متابعته مطلقا في جميع الأمور غير مقيد بشيء دون شيء.  ([56])
26-    أنه قال: {هل أتبعك على أن تعلمني} فأثبت كونه تبعا له أولا ثم طلب ثانيا أن يعلمه وهذا منه ابتداء بالخدمة ثم في المرتبة الثانية طلب منه التعليم.  ([57])
27-    أنه قال: {هل أتبعك على أن تعلمني} فلم يطلب على تلك المتابعة على التعليم شيئا كان قال لا أطلب منك على هذه المتابعة المال والجاه  ولا غرض لي إلا طلب العلم .  ([58])
28- ويؤخذ من الآية جواز التعاقد على تعليم العلم ، وأنه التزام  يجب الوفاء به ([59])
29- وفيه المسافرة مع العالم لاقتباس فوائده أخذا من قوله  {هل أتبعك } قاله أبوحيان . ([60])
30- أنه قال على أن: {تعلمني} وهذا إقرار له على نفسه بنقص العلم وعلى أستاذه بالعلم. قاله الرازي ([61]) . "وهذا بخلاف ما عليه أهل الجفاء والكبر الذين لا يظهرون للمعلم افتقارهم إلى علمه بل يدعون  أنه يتعاونون هم وإياه ، بل ربما ظن أحدهم أنه يعلم معلمه ، وهو جاهل جدا ، فالذل للمعلم ، وإظهار الحاجة إلى تعليمه من أنفع شيء للمتعلم"  ([62])  
31-    أن قوله: {تعلمني مما علمت} معناه أنه طلب منه أن يعامله بمثل ما عامله الله به وفيه إشعار بأنه يكون إنعامك علي عند هذا التعليم شبيها بإنعام الله تعالى عليك في هذا التعليم ولهذا المعنى قيل أنا عبد  من تعلمت منه حرفا. ([63])
32-    أنه قال: {مما علمت} وصيغة من للتبعيض فطلب منه تعليم بعض ما علمه الله، وهذا أيضا مشعر بالتواضع كأنه يقول له لا أطلب منك أن تجعلني مساويا في العلم لك، بل أطلب منك أن تعطيني جزأ من أجزاء علمك، كما يطلب الفقير من الغني أن يدفع إليه جزأ من أجزاء ماله. ([64])
33-  أن قوله: {مما علمت} اعتراف بأن الله علمه ذلك العلم . فالعلم نعمة منه سبحانه يجب شكرها  . ([65])
34-    أن قوله: {رشدا} أي: علما مرشدا للخير ، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطريق الخير ، وتحذير عن طريق الشر ، أو وسيلة لذلك ، فإنه من العلم النافع
       ، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارا ، أو ليس فيه فائدة . ([66])  
35-    أن موسى عليه السلام مع هذه المناصب الرفيعة والدرجات العالية الشريفة أتى بهذه الأنواع الكثيرة من التواضع وذلك يدل على كونه عليه السلام آتيا في طلب العلم  بأعظم أنواع المبالغة ، وهذا هو اللائق به لأن كل من كانت إحاطته بالعلوم أكثر كان علمه بما فيها من البهجة والسعادة أكثر فكان طلبه لها أشد وكان تعظيمه لأرباب العلم أكمل وأشد .  ([67])
36- في قوله { إنك لن تستطيع معي صبرا} فيه دليل على أن الأنبياء لا يقرون على منكر، ولا يجوز لهم التقرير.  
37-    وفيها أيضا أصل من أصول التعليم : أنه ينبه المعلم المتعلم بعوارض موضوعات العلوم الملقنة لا سيما إذا كانت في معالجتها مشقة . قاله ابن عاشور . ([68])
38-    أن من ليس له قوة قي الصبر على صحبة العالم ، وحسن الثبات على ذلك ، فليس بأهل لتلقي العلم . فمن لا صبر له لا يدرك العلم ، لقول الخضر –معتذرا لموسى بذكر المانع من الأخذ عنه- إنك لن تستطيع معي صبرا . ([69])
39-    أن السبب الكبير لحصول الصبر إحاطة الإنسان علما وخبرة بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه ، وإلا فالذي لا يدريه ، أو لا يدري غايته ولا نتيجته  ولا فائدته وثمرته ليس عند سبب الصبر ، لقوله { وكيف تصبر على   ما لم تحط به صبرا } فجعل الموجب لعدم صبره  عدم إحاطته خبرا بالأمر . ([70])
40-    أن المعلم إن رأى أن في التغليظ على المتعلم ما يفيده نفعا وإرشادا إلى الخير. فالواجب عليه ذكره فإن السكوت عنه يوقع المتعلم في الغرور والنخوة وذلك يمنعه من التعلم.  ([71])
{ قال ستجدني إن شآء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} (66)
معنى الآية إجمالا :
عندما قال الخضر : كيف تصبر يا موسى علـى ما ترى منـي من الأفعال التـي لا علـم لك بوجوه صوابها ؟ أجاب موسى : ستـجدنـي إن شاء الله صابرا علـى ما أرى منك وإن كان خلافـا لـما هو عندي صواب ، ولا أعصي لك أمرا أي : وأنتهي إلـى ما تأمرنـي، وإن لـم يكن موافقا هواي.
وفي الآية من الفوائد :
41- التواضع الشديد من موسى عليه السلام وإظهار للتحمل التام ، وكل ذلك يدل على أن الواجب على المتعلم إظهار التواضع بأقصى الغايات، وأما المعلم فإن رأى أن في التغليظ على المتعلم ما يفيده نفعا وإرشادا إلى الخير. فالواجب عليه ذكره فإن السكوت عنه يوقع المتعلم في الغرور والنخوة وذلك يمنعه من التعلم .  ([72])
42- في قوله { إن شاء الله } دليل على أن أفعال العباد  واقعة بمشيئة الله تعالى. قاله البيضاوي . ([73])
43-  تعليق الأمور المستقبلة التي من أفعال العباد بالمشيئة ، وأن لا يقول لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يقول {إن شاء الله } . ([74])

{قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتىٰ أحدث لك منه ذكرا * فانطلقا حتىٰ إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا * قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا * قال لا تؤاخذني بما نسيت  ولا ترهقني من أمري عسرا} (67-80)
معنى الآيات إجمالا :
قال الخضر لموسى - عليهما السلام - : فإن اتبعتنـي الآن ورأيت مني شيئا خفي عليك وجه صحته فأنكرت في نفسك فلا تفاتحني بالسؤال حتى أكون أنا الفاتح عليك بحاله في الوقت الذي ينبغي إخبارك به . - فإنـي قد أعلـمتك أنـي أعمل العمل علـى الغيب الذي لا تـحيط به علـما-  . { فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ...الحديث} ([75]) أي: لقد جئت شيئا عظيـما، وفعلت فعلا منكرا
عندئذ قال الخضر لموسى –عليهما السلام –معرضا باللوم بما التزم : أتقر أني قلت إنك لا تستطيع معي صبرا ؟ فاعتذر موسى عليه السلام لا تؤاخذني فإن ذلك وقع على وجه النسيان ، ولا تعسر علي في المعاملة واصفح عني .
وفي الآية من الفوائد :
44-    في قول موسى {أخرقتها لتغرق أهلها} كمال شفقة موسى عليه السلام ، ونصحه للخلق ، فلم يقل {لتغرقنا} فنسي نفسه ، في الحالة التي لا يلوي فيها أحد على أحد . ([76])
45-    أن النسيان لا يقتضي المؤاخذة لا في حق الله ، ولا في حق العباد ،  وأنه لا يدخل تحت التكليف . قاله القرطبي ([77]) والسعدي. ([78])
46-    أن عمل الإنسان في مال غيره إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة جائز ، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير ، كما خرق الخضر السفينة لتعيب ، فتسلم من غصب الملك . ([79])
47-    في قوله { لا تؤاخذني بما نسيت ...الآية} فيه براعة الاعتذار ، بيان ذلك : أن النهي مستعمل في التعطف والتماس عدم المؤاخذة ، لأنه قد يؤاخذه على النسيان مؤاخذة من لا يصلح للمصاحبة لما ينشأ عن النسيان من خطر ، ولذلك بنى كلام موسى على طلب عدم المؤاخذة بالنسيان ، ولم يبن على الاعتذار بالنسيان ، كأنه رأى نفسه محقوقا بالمؤاخذة . فكان كلاما بديع النسيج في الاعتذار .  ([80])
48-    وفيه الحكم بالظاهر حتى يتبين خلافه لإنكار موسى . وفيه حجة على صحة الاعتراض بالشرع على ما لا يسوغ فيه ولو كان مستقيما في باطن الأمر.    وما يدعيه بعض أهل البدع من جواز الاعتراض بالعقل على الشرع خطأ بيِّن; لأن موسى إنما اعترض بظاهر الشرع لا بالعقل المجرد . ‏ ([81])
 {فانطلقا حتىٰ إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا * قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا} (81-83)
معنى الآية إجمالا :
{ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله...الحديث }
فلما شاهد موسى عليه السلام هذا أنكره أشد من الأول، وبادر قائلا : {أقتلت نفسا زكية } أي صغيرة لم تعمل الحنث ، ولا عملت إثما بعد فقتلته {بغير نفس } أي بغير مستند لقتله لقد جئت بشيء منكر، وفعلت فعلا غير معروف .
فقال له الخضر معاتبا ومذكرا { ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صيرا } ؟ فقال له موسى عليه السلام : إن سألتك بعد هذه المرة عن شيء فأنت معذور بتركك صحبتي.  فقد بلغت إلى الغاية التي تعذر بسببها في فراقي . ‏
وفي الآيات من الفوائد :
49-    أن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ، ويراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما ، وهي قاعدة عظيمة من قواعد أصول الفقه ، فإن قتل الغلام شر ، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما أعظم شرا منه ، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته وإن كان يظن أنه خير ، فالخير ببقاء دين أبويه وإيمانهما خير من ذلك ، فلذلك قتله الخضر . ([82])
50-     أن موافقة الصاحب لصاحبه –في غير الأمور المحذورة – مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها ، كما أن عدم الموافقة سبب     لقطع المرافقة . ([83])

{فانطلقا حتىٰ إذآ أتيآ أهل قرية استطعمآ أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا * قال هـٰذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} (84-85)
معنى الآيات إجمالا :
{ فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال: مائل، فقال الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى:       قوم آتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت عليه أجرا * قال هٰذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} أي : سأخبرك بما يؤل إليه عاقبة أفعالي التي فعلتها فلم تستطع على ترك المسألة عنها  وعن النكير على فيها صبرا والله أعلم.

 وفي الآيات من الفوائد :
51-    في الآية الأولى دليل على سؤال القوت، وأن من جاع وجب عليه أن يطلب ما يرد جوعه خلافا لجهال المتصوفة. والاستطعام سؤال الطعام، والمراد به هنا سؤال الضيافة، بدليل قوله: «فأبوا أن يضيفوهما» فاستحق أهل القرية لذلك أن يذموا، وينسبوا إلى اللؤم والبخل، كما وصفهم بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام.  ([84])
52-    ويظهر من الآيات أن الضيافة كانت واجبة على من كان قبلنا ، وأن الخضر وموسى إنما سألا ما وجب لهما من الضيافة، وهذا هو الأليق بحال الأنبياء، ومنصب الفضلاء والأولياء . أشار إلى ذلك القرطبي. ([85])
53- في قوله تعالى: {لاتخذت عليه أجرا} فيه دليل على صحة جواز الإجارة، وهي سنة الأنبياء والأولياء .  ([86])
54-    من الأخلاق الحميدة مقابلة الإساءة بالإحسان ذلك أن الخضر عليه السلام فعل ما فعل في قرية مذموم أهلها وقد تقدم منهم سوء صنيع من الإباء عن حق الضيف مع طلبه ، ولم يهم فيها مع أنها حرية بالإفساد والإضاعة بل باشر الإصلاح لمجرد الطاعة ولم يعبأ عليه السلام                                  بفعل أهلها اللئام . ([87])
55-    ويستفاد من إنكار موسى عليه السلام فيما سبق وجوب التأني عن الإنكار في المحتملات، وترك الاعتراض على المشايخ وتأويل ما لا يفهم ظاهره من أفعالهم وحركاتهم ، وأقوالهم . ([88])
56-    أنه ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال ويترك صحبته حتى يعتبه ، ويعذر منه ، كما فعل الخضر مع موسى . ([89])

{أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورآءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} (86)
معنى الآية إجمالا :
هذا تفسير ما أشكل أمره على موسى عليه السلام، وما كان أنكر ظاهره، وقد أظهر الله الخضر عليه السلام على حكمة باطنة، فقال: إن السفينة إنما خرقتها لأعيبها لأنهم كانوا يمرون بها على ملك من الظلمة {يأخذ كل سفينة } صالحة أي جيدة    {غصبا } فأردت أن أعيبها لأرده عنها لعيبها، فينتفع بها أصحابها المساكين الذين  لم يكن لهم شيء ينتفعون به غيرها .
وفي الآية من الفوائد :
57-   استدل الشافعي بهذه الآية على أن المسكين يطلق على من يملك شيئا إذا لم يكفه ، وأنه أصلح حالا من الفقير .
58-     في إضافة الخضر عيب السفينة إلى نفسه رعاية للأدب، لأنها لفظة عيب، فتأدب بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه، كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله: {وإذا مرضت فهو يشفين} (الشعراء: 80) فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى، وأسند إلى نفسه المرض، إذ هو معنى نقص ومصيبة، فلا يضاف إليه سبحانه وتعالى من الألفاظ إلا ما يستحسن منها دون ما يستقبح، وهذا كما قال تعالى: {بيدك الخير} (آل عمران: 26) واقتصر عليه فلم ينسب الشر إليه، وإن كان بيده الخير والشر والضر والنفع، إذ هو على كل شيء قدير، وهو بكل شيء خبير. انظر: البحر المحيط ([90]) ، والقرطبي ([91])       وابن جزي. ([92])  

{وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينآ أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنآ أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكـاة وأقرب رحما} (88،87)
معنى الآية إجمالا :
وأما الغلام الذي قتلته فكان كافرا مطبوعا على الكفر ، وكان أبواه مؤمنين {فخشينا} أي خفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين {طغيانا} عليهما {وكفرا} لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه، ويلحق بهما شرا وبلاء، أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفرة، فيجتمع في بيت واحد مؤمنان، وطاغ كافر أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد الإيمان ، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة أي:  أردنا أن يرزقهما الله تعالى ولدا خيرا من هذا الغلام زكاة أي دينا وصلاحا . {وأقرب رحما} أي يكون هذا البدل أقرب عطفا ورحمة بأبويه بأن يكون أبر بهما وأشفق عليهما والرحم الرحمة والعطف .
وفي الآية من الفوائد:
59-    ويستفاد من هذه الآية تهوين المصائب بفقد الأولاد وإن كانوا قطعا من الأكباد، ومن سلم للقضاء أسفرت عاقبته عن اليد البيضاء. قال قتادة: لقد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فالواجب على كل امرئ الرضا بقضاء الله تعالى، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه له فيما يحب.  ([93])

{وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغآ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطـع عليه صبرا}
معنى الآيات إجمالا :
وأما الجدار الذي أقمته فكان لغلامين صغيرين في المدينة ، وقد خبأ أبوهما الصالحين تحته مالا لهما فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما بأنفسهما من تحت الجدار ، ولولا أني أقمته لانقض وخرج الكنز من تحته قبل اقتدارهما على حفظه والانتفاع به .
 وهذا الذي فعلته في هذه الأحوال الثلاثة، إنما هو من رحمة الله بمن ذكرنا من أصحاب السفينة، ووالدي الغلام وولدي الرجل الصالح، وما فعلته عن أمري أي لكني أمرت به ووقفت عليه . {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} أي: ذلك المذكور من تلك البيانات التي بينتها لك وأوضحت وجوهها تأويل ما ضاق صبرك عنه ولم تطق السكوت عليه .
وفي الآيات من الفوائد :
60-    {وكان أبوهما صـٰلحا } فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة، لتقر عينه بهم، وعلى هذا يدل قوله تعالى: {إن وليـي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} (الأعراف: 196).  قاله ابن كثير ([94]) والقرطبي ([95])
61-    وفي قصة موسى والخضر من الفوائد أن الله يفعل في ملكه ما يريد , ويحكم في خلقه بما يشاء مما ينفع أو يضر , فلا مدخل للعقل في أفعاله ولا معارضة لأحكامه , بل يجب على الخلق الرضا والتسليم , فإن إدراك العقول لأسرار الربوبية قاصر فلا يتوجه على حكمه لم ولا كيف , كما لا يتوجه عليه في وجوده أين وحيث ، وأن العقل لا يحسن ولا يقبح وأن ذلك راجع إلى الشرع : فما حسنه بالثناء عليه فهو حسن , وما قبحه بالذم فهو قبيح .   وأن لله تعالى فيما يقضيه حكما وأسرارا في مصالح خفية اعتبرها كل ذلك بمشيئته وإرادته من غير وجوب عليه ولا حكم عقل يتوجه إليه , بل بحسب ما سبق في علمه ونافذ حكمه , فما أطلع الخلق عليه من تلك الأسرار   عرف , وإلا فالعقل عنده واقف . فليحذر المرء من الاعتراض فإن مآل ذلك إلى الخيبة . ([96])



([1]) سورة هود [120] .
([2]) سورة يوسف [3] .
([3]) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (مع الفتح) كتاب التفسير ، حديث رقم (4725)        ج8/ 262 . ومسلم في صحيحه (مع شرح النووي)  ج15/ 164.
([4]) انظر هذه الأقوال في قصص الأنبياء لا بن كثير ص547.
([5]) المصدر السابق .
([6]) هذه اللفظ فيها أربعة لغات :  بفتخ الخاء وكسر الضاد وقد تسكن ، وكسر الخاء والضاد وقد تسكن . انظر: روح المعاني ج5/319.
([7]) انظر هذه الأقوال في : البداية والنهاية 7/ 368، وقصص الأنبياء لابن كثير ص  574.     قال ابن كثير رجمه الله : ، فما ثبت في الصحيح أولى وأقوى ، بل لا يلتفت إلى ما عداه . قصص الأنبياء ص 550.
([8]) الفروة البيضاء: ما على وجه الأرض من الحشيش الأبيض وشبهه من الهشيم. وقيل. الفروة: الأرض البيضاء التي لا نبات فيها. وقيل: هي الهشيم اليابس. ومنه قيل : فروة الرأس وهي جلدته بما عليها     من الشعر . انظر : النهاية في غريب الحديث ج3/441.
([9]) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (مع الفتح) كتاب التفسير ، حديث رقم (4725)        ج8/ 262 . ومسلم في صحيحه (مع شرح النووي)  ج15/ 164.
([10]) انظر بحث هذه المسألة في فتح الباري 8/262، وشرح النووي 15/168، وقصص الأنبياء ص 550.
([11]) أضواء البيان 4/ 170.
([12])قصص الأنبياء ص 511.
([13]) الأنبياء [34] .
([14]) أضواء البيان 4/175.
([15]) الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني في صحيح الأدب ص 367.
([16]) أضواء البيان 4/ 178.
([17]) آل عمران [81] .
([18]) انظر: قصص الأنبياء لابن كثير ص 562.
([19]) أضواء البيات 4/ 170.
([20]) أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب التفسير ، حديث رقم (4725) ج8/ 262 . ومسلم في صحيحه (مع شرح النووي)  15/ 164.
([21]) تفسير القرطبي ج11/ 9.
([22]) تفسير السعدي ج3/ 175.
([23]) التحرير والتنوير 7/360.
([24]) الجديث أخرجه مسلم في صحيحه (مع شرح النووي) ، كتاب الألفاظ من الأدب ، 15/ 5.
([25]) تفسير القرطبي ج11/ 9 .
([26]) شرح النووي ج15/ 146، وتفسير السعدي 3/ 175.
([27]) تفسير الرازي 21/124.
([28]) التحرير والتنوير 7/361.
([29]) التحرير والتنوير 7/365.
([30]) الحديث في البخاري وقد تقدم تخريجه . وما بين القوسين [  ] إضافة من عندي .
([31]) التحرير والتنوير 7/366.
([32]) الحديث أخرجه أبو داود في سننه ، في كتاب المناسك ، باب التزود في الحج 2/ 257، وصححه الألباني في سنن أبي دواد حديث رقم (1522) .
([33]) تفسير القرطبي ج11/ 11.
([34])تفسير القرطبي ج11/11.
([35])تفسير السعدي ج3/176.
([36]) انظر: فتح الباري ج8/ 276.
([37]) بدائع الفوائد 3/203.
([38])تفسير السعدي ج3/176.
([39])تفسير الرازي 21/125.
([40]) روح المعاني ج5/317.
([41])التحرير والتنوير 7/367.
([42])تفسير السعدي ج3/175.
([43])روح المعاني ج5/314.

([44]) الحديث متفق عليه وقد ثقدم تخريجه .
([45]) سورة الإسراء [آية : 35] .
([46]) أضواء البيان 4/174.
([47]) فتح الباري 1/ 286.
([48]) تفسير النسفي 2/65.
([49]) فتح القدير 3/ 299.
([50]) انظر: المحرر الوجيز 10/ 426، وتفسير القرطبي ج11/ 13.
([51]) تفسير الرازي 21/128.
([52])تفسير القرطبي ج11/13.
([53]) فتح البيان 8/81.
([54])تفسير الرازي 21/128.
([55]) المصدر السابق .
([56]) المصدر السابق .
([57]) المصدر السابق .
([58]) المصدر السابق .
([59])التحرير والتنوير 7/370.
([60])البحر المحيط ج6/ 160.
([61])تفسير الرازي 21/129.
([62])تفسير السعدي ج3/177.
([63])تفسير الرازي 21/129.
([64]) المصدر السابق .
([65]) المصدر السابق .
([66])تفسير السعدي ج3/178.
([67])تفسير الرازي 21/129.
([68])التحرير والتنوير 7/372.
([69])تفسير السعدي ج3/178.
([70])تفسير السعدي ج3/178.
([71])تفسير الرازي 21/130.
([72])تفسير الرازي 21/130.
([73]) تفسير البضاوي 2/18
([74])تفسير السعدي ج3/178.
([75]) الحديث متفق عليه وقد تقدم تخريجه .
([76]) تفسير القاسمي نقلا عن صاحب الانتصاف ج11/18.
([77])تفسير القرطبي ج11/15.
([78])تفسير السعدي ج3/179.
([79]) أشار إلى ذلك : ابن حجر في الفتح ج/ 275. والسعدي 3/ 179.
([80])التحرير والتنوير 7/376.
([81]) انظر : شرح النووي 15/137، وفتح الباري 1/246.
([82])تفسير السعدي ج3/179.
([83])تفسير السعدي ج3/181.
([84]) شرح النووي 15/ 137، وتفسير القرطبي ج11/11.
([85])تفسير القرطبي ج11/18.
([86])تفسير القرطبي ج11/18.
([87])روح المعاني ج6/13.
([88]) شرح النووي 15/ 137.
([89])تفسير السعدي ج3/181.
([90]) البحر المحيط ج6/ 160.
([91])تفسير القرطبي ج11/25.
([92]) التسهيل 1/ 194.
([93])تفسير القرطبي ج11/26.
([94]) تفسير ابن كثير 3/ 99.
([95])تفسير القرطبي ج11/ 27.
([96]) فتح الباري 1/266.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق