الأصل في الدعوة إلى الله أن تكون بالرفق واللين لا بالفحش و قبيح الالفاظ ، و لا بالاغتيال المعنوي و لا الجسدي.
قال الله تعالى: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.
قال الحافظ المفسر ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((وقوله: { وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كما قال: { وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } [العنكبوت : 46] فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر موسى وهارون، عليهما السلام، حين بعثهما إلى فرعون فقال: { فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [طه : 44])) اهـ.
و الغلظة عارضة و ليست أصلا في الدعوة و هي محمودة في موضعها كما في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التوبة73 وفي : التحريم الآية ٩ ، و غير ذلك من النصوص .
و سيد البشر صلى الله عليه وسلم هو القدوة في ميدان الدعوة حيث كانت حياته حافلة بالرفق و اللين و الرحمة ، و ما كانت الشدة إلا نزرا يسيرا فيها ؛ كقطرة في بحر، و قد مدحه ربه بهذا فقال له {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}آل عمران159.
فلينتبه الداعية لهذا الأصل، و لا يهمل بعض النصوص و يعمل ببعضها كما فعل أهل الكتاب و يتذكر أنه :
لكل مقام مقال ، و لكل حال حال ، و لكل شرب كؤوس ، و لكل شجر فؤوس.
و الله المستعان - أبو المقداد