شريط اعلانات

اخوتي في مشارق الارض و مغاربها .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. هذه مدونة متواضعة الهدف منها: -خدمة الشريعة .. - نشر العلم النافع .. - تصحيح ما تيسر من المفاهيم الخاطئة .. -الترويح عن النفوس ببعض الملح و النوادر و الحكم .. - و ان تكون صدقة جارية بعد مفارقة هذه الحياة الفانية .. والعضوية فيها مفتوحة لكل من يؤمن بهذه الاهداف ليشارك في خدمة الاسلام و نفع المسلمين . مشاركتكم تقوينا .. وتعليقكم ينفعنا .. و زيارتكم تشجعنا*** اقرأ في هذه المدونة : المظاهر خداعة -الاسلام دين الفطرة و الانسجام مع الكون - من طرائف الطلاب (من هنا و هناك) - علمتني الطبيعة - وحوش المجرة- يمكن البحث في مواضيع المدونة و أرشيفها من خلال زر البحث - و يمكن ترجمتها الى أكثر من 40 لغة من خلال زر الترجمة

الجمعة، مارس 29، 2013

الصداقة الجوفاء



                                            الاستاذ عادل عبد الوهاب


الصحب في هذا الزمان بــلاء * والقرب منهم خيبة و عنــــاء
ألفاظهم معسولة و فعالــــــهم * مسمومة بل حية رقطـــــــــاء
صولاتهم في لهوهم مشهـودة * كلماتهم براقة جوفـــــــــــــاء
هم في المجاز وقاية و صيانة * هم في الحقيقة أرجل عرجاء
عند الفضائح أنفس تواقـــــــة * و لدى الفضائل أعين عمياء
واذا رأيت جلوسهم في طرقهم * همز و لمــــــز غيبة و غثاء
و على الوجوه تبسم لكنهم * في ظهر غيب طعـــــــنة نجلاء
(رمل تداخل بعضه في بعضه) * فالشكل صخر جلمد و بناء
أما الصلاة فضيعوا أوقاتها * أهل الديانة عنـــــــدهم غوغاء
والأمهات عقوقهن بطولة * و كذا الشريعة نالــــها استهزاء
قد جاء في القرآن حكم بين * يوم القيامـــــــــة كلهم أعداء
و إذا اضطررت لحاجة و قصدتهم * هذي وربي ليلة ظلماء
من نام في جحر الأفاعي آمنا * لقي المنون و لامه الأحيـــاء
فدارهم ما دمت بين ديارهم * أهل المروءة بينـــــــهم غرباء
من يلق ذئبا طامعا في رحمة * فمصيره التمزيق و الأشــلاء
واحذر دسائسهم و كن متيقظا * فالشهد سم و الوجوه طــــلاء
من عاشر الحرباء مغرورا بها * حصد الندامـــة للغباء جزاء
و لربما انقلب الصديق لضده * يبدي جــــروحا ما لهن دواء
فاختر جليسك و انتقيه تفرسا * خير الصحاب السادة النجباء
هم في المكارم قدوة وضاءة * هم في المكاره بلسم و شفـــاء
هم في الدياجي أنجم براقة * عند الشدائد عدة و رخــــــــــــاء
عند النداء سواعد مفتولـة * و لدى النوازل في الورى فقهاء
هم في الوجوه بشاشة و تراحم * في ظهر غيب سترة و دعاء
اما الصلاة فخير موضوع لهم * والأمهـــــات عقوقهن جفاء
و قراءة القرآن خير حديثهم * كل الشــــــــريعة عندهم غراء
و تنافسوا في كل خير انهم * في المكـــرمات أئــــمة فضلاء
فاجعل حياتك بينهم تفرح بها * حقا و صــــــدقا إنهم سعداء
واصبر لهنات تكون لبعضهم * فلقد يزيغ الصــــــارم المضاء
و لقد يزل العالمون بهفوة * و الشمس تكسف تارة وتضاء
هم بهجة الدنيا ونور ظلامها * صدق و نبل همة و عـــــطاء
رفعوا بناء الدين و الدنيا معا * فسما البناء و أتقن البــــناء
و إذا رآك الله بين جموعهم * لم تشق أبدا والجنان جــــزاء

الاثنين، مارس 18، 2013

المساجلة الخرطومية

هذه مساجلة طريفة بيني و بين أخي الشاعر لؤي عبد الله عندما أتيته زائرا في الخرطوم من مدينتي (ود مدني) بتاريخ 28 أبريل 2011م .. فأكرمني و أحسن ضيافتي ، و كان يصنع الشاي بنفسه و يغسل الأواني لغياب أهله كرما منه و تواضعا ، و كانت لنا صولات وجولات داخل المدينة بين مساجدها و مطاعمها و ما بينهما ، ثم إني غادرت الخرطوم ليلة الجمعة و كنت خطيبا بمسجدي في مدينتي ، و قد أخذت معي نسيانا (الظفارة) أداة تقليم الأظافر ، و مع ذلك نسيت تقليم أظافري و انا على متن (الباص) ، فارسل الي رسالة عبر الجوال تحمل بيتا من الشعر و رددت عليه ببيت ، ثم توالت الأبيات أثناء الطريق ، فكانت هذه المساجلة : (اللون الأحمر لأبيات الأستاذ لؤي ، و الأسود لأبياتي)

أبا المقداد بُلِّغت الأماني
....................................ولا عادتك عادية الزمان


جزاك الله خيراً من همامٍ
.................................... وبوأك العليّ من الجنان

زيارتكم لنا مرّت سريعاً
....................................كمر الطيف في كسر الثواني


نعم والله قد مرّت وإنا
....................................حصرنا الدهر في تلك الثواني
تغادرنا الليالي واعظات
....................................كومض البرق أو لمع السنان

وكم كنّا نؤمل في لقاء
................................. لنقطف منكم فيض المعاني
ولم نكرم وفادتكم بحق
....................................وأنتم أهل مكــــرمة وشأن


وجدنا منكم الإكرام غيثاً
.................................... فلا غشيتكم غير الزمان
و صُلْنَا ثم جُلنا في دجاج
....................................حكينا فيه فعل الثعلبان
ضربنا فيه ضرباً دون خوف
.................................... كفعل القوم يوم النهروان
وكالتمساح في أعماق بحر
.................................... من الأسماك يلتهم المثاني
ولكن لم ينلك سواه شيءٌ
.................................. كلحم سُخيلةٍ أو لحم iiضأن
وأسعدنا تواضعكم كثيراً
............................... بشرب الشاي في تلك الأواني


شربنا الشاي فيها غير أنّا
............................ شربنا البشر في أصفى المعاني

ومن عجب بأنكم نسيتم
....................................خلال الباص تقليم البنان
فعوداً لاستراحتكم حميداً
....................................وحمداً بالسلامة والأمان
ونوماً هانئاً وغداً سعيداً
....................................وخطبتكم تنافح بالبيان


(كنت متعبا ووعدته بالإكمال صباحا و قد كان)

وعدناكم وقد عدنا ولكن
....................................ختاماً بالدعاء وبالتهاني
وأسأل ربي الرحمن جمعاً
.................................... قريباً قبل أفياء الجنان
وتثبيتاً وتوفيقاً وعوناً
.................................... وحفظاً في متاهات الزمان

السبت، مارس 09، 2013

ثنائيات رباعية الذكر و الانثى

ثنائيات رباعية

في العلوم النقلية و العقلية (2)

الذكر و الانثى

أ.عادل عبد الوهاب

انقسم البشر من حيث الأصل إلى أنواع أربعة :

النوع الأول : بلا أنثى و لا ذكر وهو آدم عليه السلام ، حيث خلقه الله تعالى من العدم ، كما قال عز و جل (هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) سورة الانسان 1، و تكريما لآدم خلقه الله بيده كما قال لإبليس (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ، و المادة التي خلق منها آدم هي التراب كما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ) الحج5 ، وذ كرت الآيات أنه خلق أيضا من طين و من صلصال و هذه مراحل خلقه ، قال الشنقيطي في دفع يهام الاضطراب : قوله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ) .ظاهر هذه الآية أن آدم خلق من صلصال ، أي طين يابس . وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك ، كقوله تعالى ( من طين لازب ) وكقوله ( كمثل آدم خلقه من تراب )

والجواب : أنه ذكر أطوار ذلك التراب ، فذكر طوره الأول بقوله : من تراب ، ثم بل فصار طينا لازبا ، ثم خمر فصار حمأ مسنونا ، ثم يبس فصار صلصالا كالفخار .وهذا واضح ، والعلم عند الله تعالى .اهـ

، و قد جاء في حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك ، والسهل والخشن ، والخبيث والطيب وبين ذلك ) أخرجه احمد و أبو داود والترمذي وصححه بن حبان .

و هذا الحدث الكبير و هو وجود الإنسان الأول لم يشهده البشر كما قال تعالى (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا )سورة الكهف 51

لكن العلم الحديث جاء ليؤكد لنا علاقة الإنسان بالأرض ، و التي هي مثل علاقة الجنين بالأم ، و تتمثل في الآتي :

1- اللون : فألوان البشر هي ألوان التربة ، فمنهم الابيض و الأسود و الأحمر و الأسمر و بين ذلك من الألوان .

2- العناصر : فجميع العناصر المكونة لجسم الانسان (و هي تقريبا اثنين و عشرين عنصرا ) كلها موجودة في التربة ، أو القشرة الأرضية ، و منها الحديد و الكربون و الهيدروجين و الاكسجين و الكبريت و الفوسفات و الفوسفور و الصوديوم و البوتاسيوم و المنجنيز و الكالسيوم ، و بعضهم حصرها في المقادير التالية : في جسم الإنسان كمية من الحديد تكفي لصناعة مسمار متوسط الحجم من الصلب ، و كمية من الكربون تكفي لصناعة سبعة اقلام رصاص ، و كمية من الفسفور تكفي لصناعة بعض أعواد الثقاب ، و كمية من الشحوم و الدهون تكفي لصناعة 7 ألواح من صابون الغسيل ، و حفنة من الملح و بعض المواد الإستهلاكية البسيطة ، و هذه الأرقام تدل على أن قيمة الإنسان ليست بجسده و لا مادته ، و إنما بروحه و عقله ، وصدق الشاعر حين قال :

يا خـــــادم الجسم كم تشقى بخدمته * أتطلب الربح مما فيه خسران

أقبـل على الروح فاستكمل فضائلها * فأنت بالروح لا بالجسم انسان

3- الطبائع و الصفات : فالأرض منها الأرض الخبيثة و الأرض الطيبة و كذلك البشر ، و منها الأرض القاسية و الأرض اللينة و كذلك بنو آدم ، و الأرض المنتجة النافعة والأرض الجرداء التي لا نفع منها و كذلك الإنسان .

4- المصير و المآل : فيدفن الإنسان في الأرض و يتحلل إلى عناصره الأولية ليعود من حيث أتى ، كما قال الله تعالى ((مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى )سورة طه 55 .

النوع الثاني : من ذكر بلا أنثى و هي حواء عليها السلام ، خلقها الله من ضلع آدم الايسر ، قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )سورة النساء 1 ، جاء في تفسير ابن كثير من سورة النساء في قوله تعالى (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) " وهي حواء، عليها السلام، خلقت من ضِلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه ".أهـ

كما جاء في الحديث عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال (استوصوا بالنساءِ خيرًا فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أعوجَ وإنَّ أعوجَ شىءٍ فى الضلعِ أعلاه فإنْ ذهبتَ تقيمَه كسرتَه وإنْ تركتَه لم يزلْ أعوجَ فاستوصوا بالنساءِ خيرًا) (البخارى ، ومسلم) ، و المعنى أن المرأة بها عيوب لا تفارقها ، و ليس هذا من باب التنقيص للنساء ، لأن الرجال كذلك لهم عيوب لا تفارقهم كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ, وَخَيْرُ اَلْخَطَّائِينَ اَلتَّوَّابُونَ )اخرجه الترمذي و ابن ماجة . و الله جل و علا جعل من بعض النساء قدوة للمؤمنين رجالا و نساء في الشجاعة و الإيمان فقال (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) سورة التحريم ، فكثير من النساء يفقن الرجال كرما و تقوى كما قال الشاعر ( وهو المتنبي يرثي والدة سيف الدولة):

و لو كان النســــــاء كمن فقدنا * لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب * و لا التذكير فخر للهــــلال

جاء في أضواء البيان : " قد دلت هذه الآيات القرآنية المذكورة على أن المرأة الأولى كان وجودها الأول مستندا إلى وجود الرجل وفرعا عنه .وهذا أمر كوني قدري من الله ، أنشأ المرأة في إيجادها الأول عليه .وقد جاء الشرع الكريم المنزل من الله ليعمل به في أرضه بمراعاة هذا الأمر الكوني القدري في حياة المرأة في جميع النواحي . فجعل الرجل قائما عليها وجعلها مستندة إليه في جميع شئونها كما قال تعالى (الرجال قوامون على النساء ... الآية )[4 \ 34] . فمحاولة استواء المرأة مع الرجل في جميع نواحي الحياة لا يمكن أن تتحقق ؛ لأن الفوارق بين النوعين كونا وقدرا أولا ، وشرعا منزلا ثانيا - تمنع من ذلك منعا باتا .

ولقوة الفوارق الكونية والقدرية والشرعية بين الذكر والأنثى ، صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن المتشبه من النوعين بالآخر . ولا شك أن سبب هذا اللعن هو محاولة من أراد التشبه منهم بالآخر ، لتحطيم هذه الفوارق التي لا يمكن أن تتحطم . وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» . وقد قدمنا هذا الحديث بسنده في سورة بني إسرائيل ، وبينا هناك أن من لعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو ملعون في كتاب الله ، فلو كانت الفوارق بين الذكر والأنثى يمكن تحطيمها وإزالتها لم يستوجب من أراد ذلك اللعن من الله ورسوله .

ولأجل تلك الفوارق العظيمة الكونية القدرية بين الذكر والأنثى ، فرق الله - جل وعلا - بينهما في الطلاق ، فجعله بيد الرجل دون المرأة ، وفي الميراث ، وفي نسبة الأولاد إليه .

وفي تعدد الزوجات دون الأزواج : صرح بأن شهادة امرأتين بمنزلة شهادة رجل واحد في قوله تعالى ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ... الآية) [2 \ 282] ، فالله الذي خلقهما لا شك أنه أعلم بحقيقتهما ، وقد صرح في كتابه بقيام الرجل مقام امرأتين في الشهادة ." أهـ ج7 ص415

النوع الثالث : من أنثى بلا ذكر و هو عيسى عليه السلام حيث كان ميلاده خارقا للعادة و آية من آيات الله عز وجل ، فجبريل عليه السلام بشر مريم عليها السلام بميلاد عيسى عليه السلام ، بعد أن تمثل لها بشرا سويا ، فسألته متعجبة : (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ) سورة مريم ، و قد ضل النصارى في اعتقادهم انه ابن الله ، تعالى الله عما يزعمون ، وقد رد عليهم القرآن هذا الافتراء ، فقال عز و جل (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )سورة التوبة 29

و أخبرهم القرآن أن خلقه كخلق أبيه آدم فقال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )سورة آل عمران 59.

و بعض النصارى نظروا إلى معجزاته و أنه يحيي الموتى ، و يحول الجمادات إلى أحياء فزعموا أنه الله ، و لم يستوعبوا أن هذه معجزات أيده الله بها ، فكفرهم الله بذلك فقال (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ )المائدة 27

ويوم القيامة يتبرأ منهم عيسى عليه السلام كما قال الله عز و جل (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )سورة المائدة 116-117

النوع الرابع : من ذكر و أنثى و هم سائر الخلق كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة الحجرات 13

وهذه الآية إعلان لمبدأ الاخاء الانساني فالبشر كلهم لآدم و آدم من تراب و لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى .و العلة من هذا التباين العرقي ، و التنوع الإنساني ، هي التعارف و التعاون و التكامل لا التباهي و التفاخر و التخاصم ، كما قال الله عز و جل (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )سورة الزخرف 32 ، و صدق الشاعر حين قال :

الناس للناس من بدو و حاضرة * بعض لبعض و إن لم يشعروا خدم

أما الفخر بالأحساب و الطعن في الأنساب فهو من عادات الجاهلية و صفات الجاهلين و لله د ر القائل:

الناس من جهة التمثال أكفـــــاء * أبــــوهمُ آدم والأم حــــــــــواء
فإن يكن لهم في أصلهم نســـب * يفاخرون بـه فالطين والمــــــاء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنـــهمُ * على الهـدى لمن استهدى أدلاء
ففز بعلم تعش حيا به أبــــــــدا * الناس موتى و أهل العلم أحيـاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه * والجاهلون لأهل العلم أعـــداء

فالبشر في هذا العالم كإخوة في بيت كبير ، آدم أبوهم ، و حواء أمهم ، و الأرض مسكنهم ، و السماء سقفهم ، و الشمس سراجهم ، و القمر نورهم ، و المطر شرابهم ، و النبات غذاؤهم ، و الدواب مراكبهم .

ويمكن تشبيه القارات بالمجمعات السكنية ، و الدول هي الأحياء ، و المدن هي الحجرات.

أما أخوتهم الدينية فتتمثل في أن إلههم الحق واحد ، و الرسول المبعوث إلى العالمين جميعا واحد ، و الكتاب واحد ، و القبلة واحدة ، و المصير و الجزاء واحد (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة النحل 97

و ما أروع قول الشاعر :

و ما المرء إلا بإخوانــــــه * كما تقبض الكف بالمعصم
و لاخير في الكف مقطوعة * و لا خير في الساعد الأجذم

و نواصل حديثنا في ثنائية أخرى و الله الموفق

الثلاثاء، مارس 05، 2013

ممنوعات


احذر .. ممنوع الاقتراب
الاستاذ عادل عبد الوهاب عبد الماجد

احذر عدوك مــــــــــــــــرة ** واحذر صديقك ألف مــــــــــرة
فلربمــا انقلب الصديــــــــق ** فكان أعـــــلم بالمــــــــــضرة


هذه من الحكم السائرة عند العرب ، و من القواعد المتداولة بين العقلاء

وقد جاء هذا المعنى في القرءان الكريم ، فقال الله عز و جل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )التغابن 14-15

و من صفات المنافقين أن الواحد منهم ذو وجهين و لسانين حيث قال الله عنهم (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) البقرة 14
 
و مصداق ذلك ايضا الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ، ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما " رواه الترمذي‌.و صححه الالباني . و يروى موقوفا على علي رضي الله عنه و هو الاصح .
 
و قد قيل : الناس كالسيارات ان لم تجعل بينك و بينهم مسافة كافية حصل الصدام .

و قال الشاعر في هذا المعنى    


فَيا عَجَباً لمـن رَبَّيـتُ طِفـلاً * أُلَقِّمُـه بـأَطـرافِ البَـنـانِ
 أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ * فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي
وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي * فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي
أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ * فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي


و قال الآخر متحسرا   :


واخــــوان حسبتهم دروعا * فكانــــــوها و لكن للأعادي

و خلتهم سهاما صائبــــات * فكـــــانوها و لكن في فؤادي

وقالوا قد صفت منـــا قلوب ‍*  فقد صدقوا ولكن عن ودادي
وقالـــوا قد سعينا كل سعي ‍*  لقد صدقوا ولكن في فسادي


و السلامة في المداراة :


وقد أمر الله عز و جل بذلك فقال (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) المؤمنون 96

 وقال جل و علا (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ  ) فصلت 34-35

و قد كان ذلك هدي خير البشر صلى الله عليه و سلم ، فكان لا يواجه الناس بما يكرهون ، و اذا غضب عرف الغضب في وجهه ، و كان لا يعيب طعاما قط ان اشتهاه اكله و ان كرهه تركه ، و كان يداري المنافقين اتقاء لشرهم ، و على رأسهم عبد الله ابن ابي فقد كان يلاطفه في الخطاب ونهى عن قتله هو يعلم ما في قلبه من الحقد .



وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى 

 : ما دمت حيا فدار الناس كلــــــــــــــهم *  فإنما أنت في دار المداراة
من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى * عما قليل نديما للندامـــــات


وقال زهير في معلقته :

ومن لا يصانع في أمور كثيرة  * يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

                  (والمنسم الرجل استعارة ، وهو في الأصل للدواب )
وقال آخر :
أداريهم ما دمت حيا بدارهم * وأرضيهم ما دمت في أرضهم أسعى
وأطلب بالإخلاص لله منهم *  خلاصا فكانـــــــوا كيف قلّبتهم أفعى

وفي لامية ابن الوردي :

دارِ جارَ الدارِ إن جارَ وإن لم *  تجد صبراً فما أحلى النقل


وقال محمد بن أبي سعيد بن شرف القيرواني رحمه الله تعالى :

إن تُلقِك الغربـةُ في معشر * قــــد جُبِل الطبع على بُغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم * وأرضهم ما دمت في أرضهم


و المداراة هي بذل الدنيا من أجل الدين , أما المداهنة فهي بذل الدين من أجل الدنيا

و بين ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح الفرق بينهما بيانا شافيا فقال :
المداراة صفة مدح والمداهنة صفة ذم والفرق بينهما أن المداري يتلطف بصاحبه حتى يستخرج منه الحق أو يرده عن الباطل .والمداهن يتلطف به ليقره على باطله ويتركه على هواه .فالمداراة من صفات أهل الإيمان والمداهنة من صفات أهل النفاق .


قال رجل للإمام العلامة ابن عقيل كما في الفنون : أسمع وصية الله عز وجل يقول ) ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( ، وأسمع الناس يعدون من يظهر خلاف ما يبطن منافقا فكيف لي بطاعة الله تعالى والتخلص من النفاق ؟ فقال : النفاق هو إظهار الجميل وإبطان القبيح وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر ، والذي تضمنته الآية إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن، اهـ.



وقد قلت في ذلك :


الصحب في هذا الزمان بــلاء * والقرب منهم خيبة و عنــــاء

ألفاظهم معسولة و فعالــــــهم * مسمومة بل حية رقطـــــــــاء

صولاتهم في لهوهم مشهـودة * كلماتهم براقة جوفـــــــــــــاء

هم في المجاز وقاية و صيانة * هم في الحقيقة أرجل عرجاء

عند الفضائح أنفس تواقـــــــة * و لدى الفضائل  أعين عمياء

هم في الرذائل همة و فصاحة * هم في المكارم ألسن خرساء

(رمل تداخل بعضه في بعضه) * فالشكل صخر جلمد و بناء

فاحذر دسائسهم و كن متيقظا * فالشهد سم و الوجوه طــــلاء

من عاشر الحرباء مغرورا بها * عرف الحقيقة غرة وغبــاء

من نام في جحر الأفاعي آمنا * لقي  المنون و لامه الأحيـــاء

 من يلق ذئبا طامعا في رحمة * فمصيره التمزيق و الأشــلاء

فاختر جليسك و انتقيه تفرسا  * خير الصحاب السادة النجباء

هم في المكارم قدوة وضاءة * هم في المكاره بلسم و شفـــاء  

عند النداء سواعد مفتولـة * هم في النوازل في الورى فقهاء

هم في الدياجي أنجم براقة * عند الشدائد عدة و رخــــــــاء

و اذا رآك الله بين جموعهم * لم تشق أبدا والجنان جــــزاء
 
و الله المستعان