شريط اعلانات

اخوتي في مشارق الارض و مغاربها .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. هذه مدونة متواضعة الهدف منها: -خدمة الشريعة .. - نشر العلم النافع .. - تصحيح ما تيسر من المفاهيم الخاطئة .. -الترويح عن النفوس ببعض الملح و النوادر و الحكم .. - و ان تكون صدقة جارية بعد مفارقة هذه الحياة الفانية .. والعضوية فيها مفتوحة لكل من يؤمن بهذه الاهداف ليشارك في خدمة الاسلام و نفع المسلمين . مشاركتكم تقوينا .. وتعليقكم ينفعنا .. و زيارتكم تشجعنا*** اقرأ في هذه المدونة : المظاهر خداعة -الاسلام دين الفطرة و الانسجام مع الكون - من طرائف الطلاب (من هنا و هناك) - علمتني الطبيعة - وحوش المجرة- يمكن البحث في مواضيع المدونة و أرشيفها من خلال زر البحث - و يمكن ترجمتها الى أكثر من 40 لغة من خلال زر الترجمة

قصائد اعجبتني

منظومة الزواج
ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺮﺱ ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﻌﺰﺍﺋﻢُ
                                             ﻭﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻔﻠﻮﺱِ ﺍﻟﻮﻻﺋِﻢُ
🔹 ﻭﺗَﻌﻈﻢ ﻓﻲ ﻋﻴﻦِ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ دﺟﺎﺟﺔٌ
                                             ﻭﺗﺼﻐﺮُ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻐﻨﻲِّ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋِﻢُ

🔹 ﻳُﻜﻠّﻒُ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﺒﻨﺖِ ﻣَﻦ ﺟﺎﺀَ ﺧﺎﻃﺒﺎً
                                            ﺑﺄﺷﻴﺎﺀَ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﺷِﺮﺍها ﺍﻟﺪّﺭﺍﻫﻢُ

🔹 ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌُﺰّﺍﺏُ ﺣَﻴﺭﻯ ﻣِﻦ ﺍﻷَﺳﻰ
                                                  ﻏﻼﺀٌ ﻭﺗﻌﺴﻴﺮ ٌﻭﻓﻘﺮٌ ﻣﻼﺯِﻡُ

🔹 ﻓَﻜَﻢ ﻣِﻦ ﺭَﻓﻴﻊ ﺍﻟﻘَﺪﺭ ﻗﺪ ﺭُﺩّ ﺧَﺎﺋِﺒﺎً
                                                   ﻭﻗِﻴﻞَ ﻟﻪ ﺑُﻌﺪﺍً؛ ﻟِﺄَﻧّﻚ ﻋَﺎﺩِﻡُ

🔹 ﻭﻛﻢ ﻣِﻦ ﻭﺿﻴﻊٍ ﺟﺎﺀَ ﻭﺍﻟﺠﻴﺐُ ﻣُﻤﺘَﻞٍ
                                          ﻭﻟﻜنه ﻓِﻲ ﺍﻟﻐِﺶّ ﻭﺍﻟﻤﻜﺮِ ﻋَﺎﻟِﻢُ

🔹 ﻓَﻘِﻴﻞَ ﻟَﻪ ﺃَﻫﻼً ﻭَﺳﻬﻼً ﻭﻣﺮﺣﺒﺎً
                                          ﻭﻗﺪ ﻋﺪّ " ﻣﻠﻴﻮﻧﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘّﻢُّ ﻗَﺎﺩِﻡُ

🔹 ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥَ ﻣﺎ ﺗَﺮﺟﻮﻩ ﺃَﻣﺮﺍً ﻣُﻌَﺴَّﺮﺍً
                                       ﻣَﻀﻰ ﺑَﻌﺪَ ﺃﻥ ﺗُﻠﻘَﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠّﻮﺍﺋِﻢُ

🔹 ﻟﻘﺪ ﺻﺎﺭﺕِ ﺍﻷﻋﺮﺍﺱُ ﻛَﺴﺒﺎً ﻭﻣﻐﻨَﻤﺎً
                                          ﻭﺳُﻮﻗﺎً ﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﻞِّ ﻳﻮﻡٍ ﺗَﺴﺎﻭُﻡُ

🔹 ﻭﻗﺪ ﻛﺜﺮ " ﺍﻟﺼّﻨﻔَﺎﻥِ " ﻭﺍﻟﺨﺒﺚُ ﻗﺪ ﻃَﻐﻰ
                                       ﻭﻓِﻲ ﻛُﻞّ ﻳﻮﻡٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ِﺟَﺮﺍﺋِﻢُ

🔹 ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳَﻘُﻢ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻤُﺮﻭﺀَﺓ ﻭﺍﻟﺘّﻘﻰ
                                 ﺑﺈﻧﻜﺎﺭِ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣر ..ﺯﺍﺩﺕ ﻣَﻈﺍﻟﻢ

🔹 ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﺧﺮَ ﺃﻫﻠُﻪ
                                     ﻓَﻮﺍﻟﻠّﻪِ ﺇﻥّ ﺍﻟﻜﻞّ ﻓﻲ ﺫﺍﻙ ﺁﺛِﻢ
 
أخي انصح
أُخَيَّ انْصَحْ وَلَا تَفْضَحْ
وَعَاتِبْ دُوْنَ أَنْ تَجْرَحْ

وَسَامِحْ ْ مَنْ أَسَاءَ وَقُلْ
عَسَى رَبُّ الوَرَى يَسْمَحْ

وَإِنْ ضَاقَتْ بِكَ الدُّنْيَا
تَفَكَّرْ فِيْ أَلَمْ نَشْرَحْ

وَسَلْ مَوْلَاكَ تَيْسِيْراً
لَعَلَّ الله أَنْ يَفْتَحْ

وَقُلْ حَقّاً بِلَا مَيْنٍ
إِذَا مَا شِئْتَ أَنْ تَمْزَحْ

وَتَابِعْ خَيْرَ مَبْعُوثٍ
وَلُذْ بِالْبَابِ لَا تَبْرَحْ

وَدَعْ مَا قَدْ هَوِيْتَ وَخُذْ
هَوَى المُخْتَارِ ذَا أَصْلَحْ

وَلَا تَرْكَنْ إِلَى عَقْلِكْ
فَعَقْلُ المُصْطَفَى أًرْجَحْ

وَلَا تَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ
فَذُوْ الأَحْقَادِ مَا أَفْلَحْ

وَبِعْ دُنْيَاكَ بِالْعُقْبَى
فَنِعْمَ الْبَيْعُ وَالْمَرْبَحْ

وَذَاتَ الْبَيْنِ أَصْلِحْهَا
يَنَالَ الفَوْزِ مَنْ أَصْلَحْ

وَصَلِّ عَلَى الْحَبِيْبِ تفز
ودوماً بِالسَّلَامِ اصْدَحْ

 

صالح بن عبدالقدوس

 القصيدة الزينبية
صرَمَت حبالك بعد وصلك زينب --- والدهر فيه تصرم وتقلب
فدع الصبا فلقد عداك زمانه---وازهد فعمرك منه ولى الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودة --- وأتى المشيب فأين منه المهرب
ضيف ألم إليك لم تحفل به --- فترى له أسفاً ودمعاً يسكب
دع عنك ماقد فات في زمن الصبا --- واذكر ذنوبك وبكها يا مذنب
واخش مناقشة الحساب فإنه --- لابد يحصى ما جنيت ويكتب
لم ينسه الملكان حين نسيته --- بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
والروح فيك وديعة أودعتها --- ستردها بالرغم منك وتسلب
وغرور دنياك التي تسعى لها --- دار حقيقتها متاع يذهب
والليل فاعلم والنهار كلاهما --- أنفاسنا فيها تعد وتحسب
وجميع ما حصلته وجمعته --- حقاً يقيناً بعد موتك ينهب
تباً لدار لايدوم نعيمها --- ومشيدها عما قليل يخرب
فاسمع هديت نصائحاً أولاكها --- بر نصوح عاقل متأدب
صحب الزمان وأهله مستبصراً --- ورأى الأمور بما تؤوب وتعقب
أهدى النصيحة فاتعظ بمقاله ---فهو التقي اللوذعي الأدرب
لا تأمن الدهر الصروف فإنه --- لا زال قدماً للرجال يهذب
وكذلك الأيام في غصاتها --- مضض يذل له الأعز الأنجب
فعليك تقوى الله فالزمها تفز --- إن التقي هو البهي الأهيب
واعمل لطاعته تنل منه الرضا --- إن المطيع لربه لمقرب
فاقنع ففي بعض القناعة راحة --- واليأس مما فات فهو المطلب
وإذا طمعت كسيت ثوب مذلة --- فلقد كسي ثوب المذلة أشعب
والقى عدوك بالتحية لاتكن --- منه زمانك خائفاً تترقب
واحذره يوماً إن أتى لك باسماً --- فالليث يبدو نابه إذ يغضب
إن الحقود وإن تقادم عهده --- فالحقد باق في الصدور مغيب
وإذا الصـديق رأيتـه متعلقـاً --- فهو العدو وحقه يتجنب
لا خـير في ود امرئ متملـق --- حلو اللسان وقلبه يتلهب
يلقـاك يحلف أنـه بك واثـق --- وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حـلاوة --- ويروغ منك كما يروغ الثعلب
واختر قرينـك واصطفيه تفاخـراً --- إن القرين إلى المقارن ينسب
إن الغـني من الرجـال مكـرم --- وتراه يرجى ما لديه ويرهب
ويبش بالـترحيب عند قـدومه --- ويقام عند سلامه ويقرب
والفقـر شين للرجـال فإنـه --- يزرى به الشهم الأديب الأنسب
واخفض جناحـك للأقارب كلهم --- بتذلل واسمح لهم إن أذنبوا
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً --- إن الكذوب لبئس خلاً يصحب
وذر الحسود ولو صفا لك مـرةً --- أبعده عن رؤياك لايستجلب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن --- ثرثارةً في كل ناد تخطب
واحفظ لسانك واحترز من لفظه --- فالمرء يسلم باللسان ويعطب
والسر فاكتمه ولا تنـطق بـه --- فهو الأسير لديك إذ لا ينشب
واحرص على حفظ القلوب من الأذى --- فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القـلوب إذا تنـافر ودهـا --- مثل الزجاحة كسرها لا يشعب
وكـذاك سر المرء إن لم يطوه --- نشرته ألسنة تزيد وتكذب
لا تحرصن فـالحرص ليس بزائـد --- في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب
ويظـل ملهوفـاً يـروم تحيـلاً --- والرزق ليس بحيلة يستجلب
كم عاجز في الناس يؤتى رزقـه --- رغداً ويحرم كيس ويخيب
أد الأمانـة و الخيانـة فاجتنب --- واعدل ولا تظلم يطيب المكسب
وإذا بليت بنكـبة فاصبر لهـا --- من ذا رأيت مسلماً لا ينكب
و إذا أصـابك في زمانك شدة --- وأصابك الخطب الكريه الأصعب
فـادع لـربك إنـه أدنى لمن --- يدعوه من حبل الوريد وأقرب
كن ما استطعت عن الأنام بمعزل --- إن الكثير من الورى لا يصحب
واجعل جليسك سيداً تحظى به --- حبر لبيب عاقل متأدب
واحذر من المظلوم سهماً صائباً --- واعلم بأن دعاءه لا يحجب
وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة --- وخشيت فيها أن يضيق المكسب
فارحل فأرض الله واسعة الفضا --- طولاً وعرضاً شرقها والمغرب
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي --- فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
خذها إليك قصيدةً منظومةً --- جاءت كنظم الدر بل هي أعجب
حكم وآداب وجل مواعظ --- أمثالها لذوي البصائر تكتب
يا رب صل على النبي وآله --- عدد الخلائق حصرها لايحسب

أبو  الأسود الدؤلي
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لدميم
والوجه يشرق في الظلام كأنه ... بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم
وترى اللبيب محسداً لم يجترم ... شتم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ ... حساده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنها ... ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى ... فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته ... في مثل ما تأتي فأنت ظلوم

ياأيها الرجل المعلم غيره ...هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام و ذي الضنا ...كيما يصح به و أنت سقيم
و نراك تصلح بالرشاد عقولنا ... أبدا و أنت من الرشاد عديم 
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى ... بالعلم منك وينفع التعليم 
 لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

 

بعض مآسينا
سفر الحوالي

أَمَا لَنَا زَوْرَقٌ إِلاَّ مَآسِينَا ... تَهْوِي بِنَا وَرِيَاحُ الْقَهْرِ تَطْوِينَا

تَصَرَّمَ الدَّهْرُ وَالْأَنْظَارُ حَائِرَةٌ ... بِأيِّ شَطٍّ نَرَى الْأَحْدَاثَ تُرْسِينَا

وَلَوْعَةُ الْحُزْنِ تَسْرِي فِيْ ضَمَائِرِنَا ... تَقْتَاتُ رَجْعًا شَجِيًّا مِنْ أَمَانِينَا

وَالْلَيْلُ -وَالدَّهْرُ لَيْلٌ كُلُّهُ أَبَدًا- ... يَجِيشُ بِالدَّمْعِ مَوْجًا فِيْ مَآقِينَا

هَذَا الْفَضَاءُ سَرَابٌ لَا قَرَارَ لَهُ ... ضَاعَتْ بِأَرْجَائِهِ أَصْدَاءُ حَادِينَا

لَا يَنْزِفُ الجُرْحَ إِلَّا مِنْ جَوَانِحِنَا ... لَا يَسْكُنُ الْقَيْدُ إِلَّا فِيْ أَيَادِينَا

سِرْنَا وَلَمْ تَصْحَبِ الدُّنْيَا مَسِيرَتَنَا ... نَبْكِيْ وَلِلْمَجْدِ شَدْوٌ مِنْ أَغَانِينَا

عَلَىْ لَظَىْ اليَأْسِ أَرْسَيْنَا مَرَاكِبَنَا ... وَفِيْ حِمَى الْبُؤْسِ لَمْ تَبْرَحْ مَغَانِينَا

قَدْ عَادَ يَرْحَمُنَا مَنْ كَانَ يَحْسُدُنَا ... وَصَارَ يَنْدُبُنَا مَنْ كَانَ يَهْجُونَا

وَارْتَدَّ يُطْعِمُنَا مَنْ كَانَ يَسْأَلُنَا ... وَصَارَ شَامِتُنَا عَطْفًا يُحَابِينَا

أَرَاذِلُ النَّاسَ بِالْأَوْزَارِ تَرْجُمُنَا ... وَأَزْهَدُ النَّاسِ فِيْ الْأَقْنَانِ يَشْرِينَا

وَالْقَهْرُ يَدْمَغُنَا وَالرُّعْبُ يَسْكنُنَا ... وَالزَّيْفُ يَسْلبُنَا أَدْنَى مَعَانِينَا

طَالَتْ عَلَى مَضَض الْأَيَّامِ غُصَّتُنَا ... فَالْأَمْسُ يَنْهَشُنَا وَالْيَوْمُ يُشْجِينَا

فَمَا لَنَا بَلْسَمٌ إِلَّا مَرَارَتُنَا ... وَلَا لَنَا مُشْفِقٌ إِلَّا أَعَادِينَا

وَإِنْ شَكَوْنَا فَلَا حُرٌّ يُصَبِّرُنَا ... وَلَا مُوَاسٍ بِبَعْضِ الْقَوْلِ يُسْلِينَا

لَا نَدْفَعُ الظُّلْمَ إِلَّا عَنْ مُحَارِبِنَا ... وَلَا نُحَارِبُ إِلَّا مَنْ يُوَالِينَا

لَا نَقْبَلُ الْحَقَّ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِنَا ... وَلَا نَرَى الشَّرَّ إِلَّا فِيْ تَآخِينَا

وَلَا نَرَى الْخَيْرَ إِلَّا فِيْ تَفَرُّقِنَا ... وَلَا الْأُخُوَّةُ إِلَّا فِيْ تَعَازِينَا

حَيَاتُنَا كُلُّهَا بِالنِّفْطِ قَدْ مُزِجَتْ ... فَلَا نَرَى المَاءَ صَفْوًا فِيْ أَوَانِينَا

نُصَافِحُ الذِّئْبَ فِيْ ذُلٍّ وَمَسْكَنَةٍ ... وَلَا نُلَوِّحُ مِنْ بُعْدٍ لِأَهْلِينَا

نَأْبَى الطَّرِيقَ وَإِنْ كَانَتْ مُعَبَّدَةً ... وَنَرْكَبُ السَّفْحَ وَالْأَحْرَاشُ تَفْرِينَا

لَا نَشْرَبُ المَاءَ عَذْبًا مِنْ مَنَابِعِنَا ... وَنَشْتَرِيهِ أُجَاجًا مِنْ مَوَالِينَا

لَا نَعْرِفُ الْفَخْرَ إِلَّا مِنْ هَزَائِمِنَا ... وَمَا لَنَا سَاتِرٌ إِلَّا مَخَازِينَا

سُيُوفُنَا ضَرْبُهَا فِيْ قَلْبِ حَامِلِهَا ... رِمَاحُنَا غَائِرَاتٌ فِيْ تَرَاقِينَا

سِهَامُنَا صَائِبَاتٌ فِيْ مَحَاجِرِنَا ...خُيُولُنَا رَكْضُهَا فِيْ صَفِّ غَازِينَا

كَانَتْ فِلَسْطِينُ أَقْصَى مَا يُؤَرِّقُنَا ... فَصَارَ أَدْنَى مَآسِينَا فِلَسْطِينَا

لِـمَشْرَعِ الْكُفْرِ فَتْكٌ فِيْ شَرِيْعَتِنَا ... وَلِلضَّلَالَاتِ خَبْطٌ فِيْ نَوَاصِينَا

عَبَاءَةُ الدِّينِ لِلدَّجَالِ نُلْبِسُهَا ... وَفَرَخُ ((بَلْعَامَ)) شَيْخِ التِّيهِ يُفْتِينَا

أَصْنَامِنَا الْيَوْمَ أَرْبَابٌ مُسَلَّطَةٌ ... لَا تَمْنَحُ الْقُوْتَ إِلَّا لِلْمُصَلِّينَا

سُوْسُ المُرَابِينَ يَفْرِي فِيْ دَرَاهِمِنَا ... وَمُنْكَرَاتُ ((سَدُوْمٍِ)) فِيْ نَوَادِينَا

تَطْفِيْفُ ((مَدْيَنَ)) بَعْضٌ مِنْ تَظَالُمِنَا ...  وَكِبْرُ ((فِرْعَوْنَ)) جٌزْءٌ مِنْ طَوَاغِينَا

وَبَغْيُ ((قَارُوْنَ)) شَيْءٌ مِنْ تَعَامُلِنَا ... وَسِحْرُ (( هَارُوْتَ)) فَيْضٌ مِنْ تَعَادِينَا

وَنَارُ ((نَمْرُوْدَ)) نَوْعٌ مِنْ عُقُوبَتِنَا ... وَجَوْرُ ((هَامَانَ)) جُبْنٌ فِيْ زَبَانِينَا

جُحُوْدُ ((عَادٍ)) قَلِيْلٌ عِنْدَ مُلْحِدِنَا ... وَ((نَاقَةُ اللهِ)) عَنْزٌ عِنْدَ عَادِينَا

وَبَطْشُ ((جَالُوْتَ)) عَدْلٌ عِنْدَ فَاتِكِنَا ... وَفِعْلُ ((دَاوُدَ)) إِرْهَابٌ يُجَنِّينَا

وَنُصْحُ ((لُقْمَانَ)) لَغْوٌ فِيْ صَحَائِفِنَا ... وَحُزْنُ ((يَعْقُوْبَ)) صَبْرٌ فِيْ مَآسِينَا

عَفَافُ ((يُوْسُفَ)) كَبْتٌ فِيْ حَضَارَتِنَا ... وَزهْدُ ((يَحْيَى)) هَوَانٌ فِيْ تَبَاهِينَا

وَصَبْرُ أَيُّوْبَ حُزْنٌ فِيْ تَسَخُّطِنَا ... وَصَفْحُ ((عِيْسَى)) خُنُوْعٌ فِيْ تَدَاعِينَا

أَسْتَغْفِرُ اللهَ! هَذَا بَعْضُ وَاقِعِنَا ... لَـمَّا غَدَونَا بِأَرْضِ التِّيْهِ ثَاوِيْنَا

كُلُّ المَعَايِيرِ قَدْ ضَاعَتْ مُبَعْثَرَةً ... لَـمَّا تَوَغَّلَ فِيْ الظَّلْمَاءِ سَارِينَا

وَهَكَذَا كُلُّ قَلْبٍ صَارَ مُنْتَكِسًا ... يَرَى الرَّشَادَ عَمًى وَالْلَبْسَ تَبْيِينَا

وَهَكَذَا صَارَتْ الْأَيَّامَ تُنْكِرُنَا ... أَنَّى سَلَكْنَا وَصَارَ المَجْدُ يَقْلِينَا

وَلَا رَجَاءٌ سِوَى غَيْثٌ يَمُنُّ بِهِ ... رَبُّ السَّمَوَاتِ بِالْإِيْمَانِ يُحْيِينَا

مواقف العرب المشرفة

يحكى أن العرب انتفضوا ** بعد سبات دام سنين
 
قالوا أبدا لن نتخلّى ** يوماً عن نصر فلسطين 

 
لن نخذل غزة ثانيةً ** لن ندفن رأساً في الطين

 
سنعيد المجد المنتظرا ** وندك حصون الصهيون

 
ونرد الأقصى لحمانا ** ونحرر حيفا وجنين


 
واجتمعوا كي يجدوا حلَاَ ** يشفِ صدور المجتمعين

 
بعد جدال ونقاشات ** وحوارات وقوانين

 
خرجوا بقرار جبَار ** حادٍَ يقطع كل وتين


 
ستفوق نتائجه طبعاً ** "ذات صواري" مع "حطين"

 
سوف يزلزل "تل أبيب" ** ويدمّر "متسبي رامون"

 
وسيقتص لكل شهيد ** ولكل أسير وسجين

 
وسيرعب أبناء القردة ** والخنزير الملعونين

 
وسيأتون لطلب العفو ** وسيخسأ "ليڨي" و "كوهين"

 
نص القرار:

 
بعد التصويت على الآتي ** وبنسبة 99


1- قد قررنا إقامة حفل ** يجمع كل الفنانين

 
ليغنَُوا "تحيا أمتنا" ** وسيرفع علم فلسطين 

 
ونظل "نغنَي" للأقصى ** مع بعضِ صراخٍ وأنين

 
2- وسنطلق فوراً هاشتاجاً ** يشجب ويندد ويدين

 
3- ونغرَد ونغرَد حتى ** نُفرِغ غضباً كبراكين

 
4- ونغيّر صورة بروفايل ** وسنكتب "أقصانا حزين"

 
وبذا قد قمنا بواجبنا ** نحو الأمّة نحو الدّين

 
وبذا ترتاح ضمائرنا ** وبذا نبدو منتفـشين

 
ولنُنْهِ المؤتمر لندرك ** حدثاً هامَاً بل وثمين

 
لنتابع مباراة القمة ** بين المانيا وأرجنتين


قال علي بن أبي طالب 

النفس تبكى على الدنيا وقد علمت***أن السلامة فيها ترك مافيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها***إلا التى كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه*** وإن بناها بشر خاب بانيـها
أين الملوك التى كانت مسلطنة***حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
أموالنا لذوى الميراث نجمعها***ودورنالخراب الدهر نبنيها
كم من مدائن فى الأفاق قد بنيت***أمست خراباً وأفنى الموت أهليها
لكل نفس وإن كانت على وجل***من المنية آمال تقويها
المرء يبسطهاوالدهر يقبطها***والنفس تنشرها والموت يطويها
إن المكارم أخلاق مطهرة***الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثهاوالحلم رابعها***والجود خامسها والفضل ساديها
والبر سابعها والشكر ثامنها***والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أنى لا اصدقها*** ولست أرشد إلا حين أعصيها
لاتركنن إلى الدنيا ومافيها***فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
واعمل لدار غذاً رضوان خازنها***والجار أحمدوالرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها***والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل***والخمر يجرى رحيقاً فى مجاريها
والطيرتجرى على الأغصان عاكفة***تسبح الله جهراً فى مفاتيها
ومن يشترى الدار فى الفردوس يعمرها***بركعة فى ظلام الليل يحييها

ابو تمام
إذا جَـارَيْـتَ فــي خُـلُـقٍ دَنِيـئـاًفـأنـتَ ومــنْ تجـارِيـه ســواءُ
رأيـتُ الحـرَّ يجتنـبُ المخـازيويَحْمِـيـهِ عــنِ الـغَـدْرِ الـوَفـاءُ
ومــا مِــنْ شِــدَّة ٍ إلاَّ سَـيـأْتـيلَهـا مِــنْ بـعـدِ شِدَّتـهـا رَخــاءُ
لقـد جَرَّبْـتُ هـذا الـدَّهْـرَ حـتَّـىأفَـادَتْـنـي الـتَّـجَـارِبُ والـعَـنـاءُ
إذا مـا رأسُ أهـلِ البيـتِ ولـىبَـدا لهـمُ مِـنَ الـنـاسِ الجَـفـاءُ
يَعِيش المَرْءُ ما استحيَى بِخَيرٍويبقـى العـودُ مـا بقـيَ اللحـاءُ
فـلا واللهِ مـا فـي العيـشِ خيـرٌولا الدُّنـيـا إذا ذَهــبَ الـحَـيـاءُ
إذا لـم تخـشَ عاقبـة َ الليـالـيولـمْ تستَحْـي فافعَـلْ مـا تَشـاءُ
لئـيـمُ الفـعـلِ مــن قــومٍ كــرامٍلــهُ مِــنْ بينـهـمْ أبــداً عُـــوَاءُ
 
اعلمه الرماية كل يوم
معن ابن اوس وقيل :
مالك بن فهد الاوسي
فَيا عَجَباً لمـن رَبَّيـتُ طِفـلاً
أُلَقِّمُـه بـأَطـرافِ البَـنـانِ

جَزاهُ اللَه مـن وَلَـدٍ جـزاءً
سُلَيمَـةَ إِنَّـهُ شَـراً جزانـي

أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ
فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي

وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي
فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي

أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ
فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي

رَمى عَينـي بِسَهـمٍ أَشقَـذيٍّ
حَديـدٍ شَفـرتَـاهُ لهـذَمـانِ

توخّانـي بِقَـدحٍ شَـكَّ قَلبـي
دَقيـقٍ قـد بَرَتـه الراحَتـان

فأَهوى سَهمه كالبَـرقِ حَتـىّ
أَصابَ به الفؤادَ وما أَتَّقانـي

فَلا ظَفَرتِ يَداهُ حيـنَ يَرمـي
وَشُلَّت منـه حامِلـةُ البَنـانِ

فَبَكوا يـا بَنـيَّ علـيَّ حَـولا
ورَثُّوني وَجازوا مـن رَمانـي  
 
(ملوكما يجل عن الملام)
 
المتنبي
ملومكما يجل عن الملام *** ووقع فعاله فوق الكلام
ذراني والفلاة بلا دليل *** ووجهي والهجير بلا لثام
فإني أستريح بذا وهذا *** وأتعب بالإناخة والمقام
عيون رواحلي إن حرت عيني *** وكل بغام رازحة بغامي
فقد أرد المياه بغير هاد *** سوى عدي لها برق الغمام
يذم لمهجتي ربي وسيفي *** إذا احتاج الوحيد إلى الذمام
ولا أمسي لأهل البخل ضيفا *** وليس قرى سوى مخ النعام
فلما صار ود الناس خبا *** جزيت على ابتسام بابتسام
وصرت أشك فيمن أصطفيه *** لعلمي أنه بعض الأنام

يحب العاقلون على التصافي *** وحب الجاهلين على الوسام
وآنف من أخي لأبي وأمي *** إذا ما لم أجده من الكرام
أرى الأجداد تغلبها جميعا *** على الأولاد أخلاق اللئام
ولست بقانع من كل فضل *** بأن أعزى إلى جد همام
عجبت لمن له قد وحد *** وينبو نبوة القضم الكهام
ومن يجد الطريق إلى المعالي *** فلا يذر المطي بلا سنام
ولم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على التمام

أقمت بأرض مصر فلا ورائي *** تخب بي المطي ولا أمامي
وملني الفراش وكان جنبي *** يمل لقاءه في كل عام
قليل عائدي سقم فؤادي *** كثير حاسدي صعب مرامي
عليل الجسم ممتنع القيام *** شديد السكر من غير المدام
وزائرتي كأن بها حياء *** فليس تزور إلا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا *** فعافتها وباتت في عظامي
يضيق الجلد عن نفسي وعنها *** فتوسعه بأنواع السقام
إذا ما فارقتني غسلتني *** كأنا عاكفان على حرام
كأن الصبح يطردها فتجري *** مدامعها بأربعة سجام
أراقب وقتها من غير شوق *** مراقبة المشوق المستهام
ويصدق وعدها والصدق شر *** إذا ألقاك في الكرب العظام
أبنت الدهر عندي كل بنت *** فكيف وصلت أنت من الزحام
جرحت مجرحا لم يبق فيه *** مكان للسيوف ولا السهام

ألا يا ليت شعر يدي أتمسي *** تصرف في عنان أو زمام
وهل أرمي هواي براقصات *** محلاة المقاود باللغام
فربتما شفيت غليل صدري *** بسير أو قناة أو حسام
وضاقت خطة فخلصت منها *** خلاص الخمر من نسج الفدام
وفارقت الحبيب بلا وداع *** وودعت البلاد بلا سلام
يقول لي الطبيب أكلت شيئا *** وداؤك في شرابك والطعام
وما في طبه أني جواد *** أضر بجسمه طول الجمام
تعود أن يغبر في السرايا *** ويدخل من قتام في قتام
فأمسك لا يطال له فيرعى *** ولا هو في العليق ولا اللجام
فإن أمرض فما مرض اصطباري *** وإن أحمم فما حم اعتزامي
وإن أسلم فما أبقى ولكن *** سلمت من الحمام إلى الحمام

تمتع من سهاد أو رقاد *** ولا تأمل كرى تحت الرجام
فإن لثالث الحالين معنى *** سوى معنى انتباهك والمنام
**************************** 
العفاف
أيـــا أختــاه ما أبهـــى الخمـــارا ---- وما أغـلى الجمــال إذا تـوارى

تسـيرين الهوينـــى غيــر أنـــي ---- أرى زهـــوا بخطـوك وانتصــارا

تركـــت الجــاهلية في اعتــــزاز ---- وأثــرت الكـــرامة والفخـــــارا

أيا أختـاه كـــم أشفــقت يومــــا ---- عليك وقد غـلى قلبـي وفـارا

وكم سـاءلت نفسي في اكتئاب ---- أترضين المهـــــانة والصغـارا

أمســلمة وهمــك أن تعيشــي ---- ليفتن حسنك القـوم الحيـارى

أمسـلمة وفي الإســـــــلام عز ---- وأنت صغيـرة تغـوي الصغـــارا

أمـــا تبغيـــــن عند الله أجـــــرا ---- أما تخشـــين بعد المـوت نـارا

أما يضنيـــك مايجــري لقومـــي ---- من الأهــوال ليـــلا وأو نهــارا

أما يبكيــــك عــرض مستبــــاح ---- أما تشـــقيك أناة العـــــذارى

ســــؤال ليس يقبله جــــــواب ---- يزيد الحزن في قلبي استعارا

فلما أن رأيتك في احتشـــــــام ---- وقد أظهرت للتقوى شعــــارا

بكيت ولم أطــق إخفاء دمعــــي ---- سرورا باحتشامك وافتخـارا

أخيــة علمينا كيـــــف نمضـــي ---- بدرب الحـــق أبطــــالا كبارا

وكيـف نصيـــر في ليل البــــرايا ---- بدورا إن بغــى ليل وجـــــارا

وكيف نقوم في وجـه الأعـــادي ---- ونرفع راية التقــــوى جهـارا

حمـــــــــاك الله يا أختــــــاه إنا ---- نــراك بليـل غربتــنا منــــارا

قال الشافعي رحمه الله 
دع الأيام تفعــــــــل ما تشــاء ..... وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجــــــــزع لحادثة الليالي ..... فما لحـــوادث الدنيا بقـــــاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا ..... وشيمتك السماحة والوفـــاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا ..... وسرك أن يكون لها غطـاء
تستر بالسخاء فكـل عيــــــب ..... يغطيه كمـا قــيــل السخـــاء
ولا تــــــر للأعادي قــط ذلا ..... فإن شماتة الأعدا بـــــــــلاء
ولا ترج السماحة مــن بخيل ..... فما في النــــــار للظمآن ماء
ورزقك ليـــس ينقصه التأني ..... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يــدوم ولا ســرور ..... ولا بؤس عليك ولا رخــــاء
إذا ما كنــــت ذا قـلب قنـوع ..... فأنت ومالك الدنيا ســــــــواء
ومــــن نزلت بساحته المنايا ..... فلا أرض تقيه ولا سمــــــاء
وأرض الله واسعة ولــــكــن ..... إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغـــــدر كل حيــن ..... فما يغني عن المــوت الدواء 


@^_^@
قال ابو ذؤيب الهذلي
أَمِـنَ  الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ      وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً      مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم  مـا  لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً      إِلّا  أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَـأَجَبتُها  أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ      أَودى  بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى  بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً      بَـعدَ  الـرُقادِ  وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ
سَـبَقوا  هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ      فَـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَـغَبَرتُ  بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ      وَإَخـالُ  أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ
وَلَـقَد  حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ      فَـإِذا  الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها      أَلـفَيتَ  كُـلَّ  تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَـالعَينُ بَـعدَهُمُ كَـأَنَّ حِداقَها      سُـمِلَت  بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَـتّى كَـأَنّي لِـلحَوادِثِ مَروَةٌ      بِـصَفا الـمُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُـدَّ مِـن تَـلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر      أَبِأَرضِ  قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَـقَد  أَرى  أَنَّ الـبُكاءَ سَفاهَةٌ      وَلَـسَوفَ  يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
وَلـيَأتِيَنَّ  عَـلَيكَ  يَـومٌ مَـرَّةً      يُـبكى  عَـلَيكَ  مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
وَتَـجَلُّدي  لِـلشامِتينَ  أُريـهِمُ      أَنّـي لَـرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
وَالـنَفسُ  راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها      فَـإِذا  تُـرَدُّ إِلـى قَـليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى      بـاتوا بِـعَيشٍ نـاعِمٍ فَتَصَدَّعوا
فَـلَئِن  بِـهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ      إِنّـي  بِـأَهلِ مَـوَدَّتي لَـمُفَجَّعُ 


&#&



علوّ في الحياة وفي الممات .
.. مرثية الانباري الخالدة !

أطعم أبو طاهر ابن بقية، وزير عز الدولة، المساكين والفقراء، وأكرم العلماء، فحنق عليه عضد الدولة بعد ذلك، واحتال عليه، حتى قتله بطرحه للفيلة وصلبه سنة 238 هـ، وعمره نيف وخمسون سنة رحمه الله وكان جوادا كريما ذا مروءة محبوبا من الناس. فلما ارتفع على الخشبة مصلوباً، وقفت الأمة كلها بوقوفه، فطافت به قلوب المحبين.
نامت بغداد على أصوات البكاء ، فترجل أبو الحسن الأنبا ري الشاعر عن فرسه وتقدم إلى خشبه الصلب ، وسلم على الجثمان ، ورثاه بـهذه القصيدة التي هي من أعظم المراثي في تاريخ الشعر العربي ، ولم يسمع بمثلها في مصلوب حتى أن من صلبه (الخليفة عضد الدولة) تمنى أنها قيلت فيه وهو المصلوب فمع الأبيات:

علوّ في الحياة وفي الممات *** لحقٌ أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا *** وفود نَداك أيام الصلات

كأنك قائم فيهم خطيبا *** وكلهم قيامٌ للصلاة

مددت يديك نحوهم احتفاءً *** كمدهما إليهم بالهبات

ولما ضاق بطن الأرض عن أن *** يضم علاك من بعد الوفاة

أصاروا الجو قبرك واستعاضوا *** عن الأكفان ثوب السافيات

لعظمك في النفوس تبيت ترعى *** بحراسٍ وحفاظ ثقات

وتوقد حولك النيران ليلا *** كذلك كنت أيام الحياة

ركبت مطيةً من قَبْلُ زيدٌ *** علاها في السنين الماضيات

وتلك قضية فيها أناسٌ *** تباعد عنك تعيير العداة

ولم أر قبل جذعك قط جذعا *** تمكن من عناق المكرمات

أسأت إلى النوائب فاستثارت *** فأنت قتيل ثأر النائبات

وصير دهرك الإحسان فيه *** إلينا من عظيم السيئات

وكنت لمعشر سعدا فلما *** مضيت تفرقوا بالمنحسات

غليل باطن لك في فؤادي *** يخفف بالدموع الجاريات

ولو أني قدرت على قيام *** بفرضك و الحقوق الواجبات

ملأت الأرض من نظم القوافي *** وبحت بها خلاف النائحات

ولكني أصبر عنك نفسي *** مخافة أن أعد من الجناة

ومالك تربة فأقول تسقى *** لأنك نصب هطل الهاطلاتعليك تحية الرحمن تترى *** برحمات غواد رائحات

قال ذو الإصبع العدواني :
 ( يا مَنْ لقلبٍ شَدِيدِ الهمِّ مَحزُونِ ... أمسَى تَذَكَّرَ رَيَّا أُمِّ هَارْونِ )
 ( أمسَى تَذكَّرها مِن بعد ما شَحَطَتْ ... والدَّهُروُ ذو غِلَظ حينا وذو لِين )
 ( فإِنْ يكنْ حبُّها أَمسَى لنا شَجَناً ... وأصبحَ الوَلْيُ منها لا يُوَاتِينِي )
 ( فقد غَنِينا وشمْلُ الدارِ يجمعُنا ... أُطِيعُ رَيّا ورَياً لا تُعَاصِينِي )
 ( نَرمِي الوُشاةَ فلا نُخْطِي مَقاتِلهُمْ ... بخالصٍ من صفاء الوُدِّ مكنون )
 ( ولِي ابنُ عمٍّ على ما كان من خُلُقٍ ... مُختَلِفَانِ فأَقْلِيهِ ويَقْلِينِي )  
( أزرَى بنا أننا شالَتْ نَعامتُنَا ... فخالني دونه بل خِلتُهُ دونِي )
 ( لاَهِ ابنُ عمّك لا أَفضلتَ في حَسبٍ ... شيئاً ولا أنت دَيَّاني فَتَخْزُونِي )
 ( ولا تَقُوتُ عِيَالي يومَ مَسْغَبةٍ ... ولا بنفسكَ في العَزَّاءِ تَكْفِينِي )
 ( فإِن تُرِدْ عَرَضَ الدنيا بمَنْقَصَتِي ... فإِنّ ذلك مِمّا ليس يُشْجِينِي )
 ( ولا تَرَى فيَّ غير الصّبرِ مَنقَصَةً ... وما سِوَاه فإِنّ الله يَكفِيني )
 ( لولا أَواصِرُ قُرْبَى لستَ تحفظُها ... ورَهْبَةُ اللهِ في مَولىً يُعادِينِي )
 ( إذاً بَرَيتُك بَرْياً لا انجِبَارَ له ... إنّي رأيتُكَ لا تَنفَكُّ تَبرِيني )
 ( إنّ الذي يَقبِضُ الدنيا ويبسُطها ... إن كان أغناكَ عنّي سوف يُغْنِيني )
 ( اللهُ يَعلمُكم واللهُ يَعلمُني ... واللهُ يَجزِيكُمُ عَنّي ويَجْزِينِي )
 ( ماذَا عليَّ وإِن كنتم ذوِي رَحِمي ... أَلاَّ أحبّكُم إن لم تُحبُّونِي )
 ( لو تَشرَبُونَ دَمِي لم يَرُو شَارِبُكم ... ولا دِماؤُكُم جَمْعاً تُرَوِّيني )
 ( ولِي ابنُ عمٍّ لو انّ الناسَ في كَبِدي ... لَظَلَّ مُحتَجِزاً بالنَّبْل يَرْمِيني )
 ( يا عمرُو إن لا تَدَعْ شَتْمِي ومَنْقَصتِي ... أَضْرِبْكَ حتى تقولَ الهامةُ اسْقُونِي )
 ( كلّ امرىءٍ صائرٌ يوماً لشِيمَتِه ... وإِن تخلَّقَ أخلاقاً إلى حِينِ )
 ( إنّي لعَمْرُكَ ما بَابِي بذِي غَلَقٍ ... عن الصّديق ولا خيري بمَمْنُونِ )
 ( ولا لسانِي على الأدنى بمنطَلِق ... بالمنكَرات ولا فَتْكِي بمأمُونِ )
 ( لا يُخرِجُ القَسْرُ منّي غير مَغْضبةٍ ... ولا ألينُ لِمَنْ لا يبتغي لِيني ) 
( وأنتمُ مَعْشَرٌ زَيْدٌ على مائةٍ ... فأجمِعُوا أمرَكم شَتَّى فكِيدُونِي )
 ( فإن علمتُم سبيلَ الرُّشدِ فانطلِقوا ... وإِن غَبِيتُم طريقَ الرشدِ فَأتُونِي )
 ( يا رُبَّ ثوبٍ حواشيه كأوسطِه ... لا عيبَ في الثوبِ من حُسنٍ ومن لِينِ )
 ( يوماً شَدَدتُ على فَرْغَاء فاهقةٍ ... يوماً من الدّهر تاراتٍ تُمَارِينِي )
 ( ماذا عليّ إذا تدعونَنِي فَزَعاً ... أَلاَّ أُجيِبَكم إذ لا تُجِيبُونِي )
 ( وكنتُ أُعطِيكُم مالي وأَمنحُكم ... وُدِّي على مُثْبَتٍ في الصدر مَكنونِ )
 ( يارُبَّ حيٍّ شَدِيدِ الشَّغْبِ ذي لَجَبٍ ... ذَعرْتُ من راهِنٍ منهم ومَرهُونِ )
 ( رَدَدتُ باطَلهُم في رأس قائِلهم ... حتى يَظلُّوا خصوماً ذا أفانِينِ )
 ( يا عَمرُو لو كنتَ لي أَلْفَيْتَنِي يَسراً ... سمْحاً كريماً أُجازِي مَنْ يُجَازِينِي )
 



حُكْمُ المَنِيَّةِ فِيْ البَرِيَّةِ جَاْرِي


من أشهر قصائد أبو الحسن التهامي في رثاء ولده
وهي على طولها إلا أنها ممتعة وثرية بالعبر والعظات والحكم..




حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار

طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوًا من الأقذار والأكدار

ومُكلِّف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار

وإذا رجوتَ المستحيل فإنما * تبني الرجاء على شفير هار

فالعيش نوم والمنِيَّة يقظة * والمرء بينهما خيال سار

فاقضوا مآربكم عجالًا إنما * أعماركم سفر من الأسفار

وتراكضوا خيل الشباب وبادروا * أن تسترد فإنهن عوار

فالدهر يزرع بالمنى ويغص أن * هنّا ويهدم ما بنى ببوار

إني ُوترت بصارم ذي رونق * أعددته لطلابة الأوتار

والنفس إن رضيت بذلك أو أبت * منقادة بأزمة المقدار

أثنى عليه بإثره ولو أنه * لم يغتبط أثنيت بالآثـار

ياكوكبـًا ما كان أقصر عمره * وكذاك عمر كواكب الأسحار

وهلال أيام مضى لم يستدر * بدرا ولم يمهل لوقت سرار

عجل الخسوف عليه قبل أوانه * فمحاه قبل مظنة الإبدار

واستل من أترابه ولداته * كالمقلة استلت من الأشفار

فكـأن قلبي قبره وكأنه * في طيـه سِـر من الأسرار

إن الكواكب في علو محلها * لترى صغارًا وهي غير صغار

ولد المعزى بعضه فإذا مضى * بعض الفتى فالكل في الأثار

أبكيه ثم أقول معتذرًا له * وُفِّقْت حين تركب ألأم دار

جاورتُ أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري

ثوب الريـاء يشُفُّ عما تحته * وإذا التحفتَ به فإنك عار

قصرت جفوني أم تباعد بينها * أم صُوِّرت عيني بلا أشفار

جفت الكرى حتى كأن غراره * عند اغتماض العين وخز غرار

ولو استـزارت رقدة لطحا بها * ما بين أجفاني من التيـار

أُحيي الليالي التم وهي تميتني * ويميتـهن تبلج الأسحـار

حتى رأيت الصبح تهتك كفه * بالضوء رفرف خيمة كالقار

والصبح قد غمر النجوم كأنه * سيل طغى فطفا النـوار

والهون في ظل الهوينا كامن * وجلالة الأخطار في الأخطار

تندي أسـرة وجهه ويمينه * في حالة الإعصار والإيسـار

ويمـد نحـو المكرمات أناملًا * للرزق أثنائهـن مجـار

يحوي المعالي كاسبـًا أو غالبـًا * أبدا يداري دونها ويداري

قد لاح في ليل الشباب كواكب * إن أمهلت آلت إلى الأسفار

وتلهب الأحشاء شيب مفرقي * هذا الضياء شواظ تلك النار

شاب القذال وكل غصن صائر * فينانه الأحوى إلى الأزهار

والشبه منجذب فلم بيض الدمى * عن بيض مفرقة ذوات نفار

وتود لو جعلت سواد قلوبها * وسواد أعينها خضاب عذار

لاتنفر الظبيات عنه فقد رأت * كيف اختلاف النبت في الأطوار

شيئان ينقشعـان أول وهلة * ظل الشباب, وخِلَّة الأشــرار

وطري من الدنيا الشباب وروقه * فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري

قصرت مسافتـه وما حسناته * عنـدي ولا آلاؤه بقصـار

نزداد همَّا كلما ازددنا غنى * والفقر كل الفقر في الإكثار

ما زاد فوق الزاد خُلِّف ضائعـًا * في حادث أو وارث أو عار

إني لأرحم حسادي لحر ما * ضمنت صدورهم من الأوغار

نظروا صنيع الله بي فعيونهم * في جنة وقلوبهـم في نار

لا ذنب لي قد رمت كتم فضائل * فكأنها برقعت بوجه نهار

وستـرتها بتواضعي فتطلعت * أعناقها تعلو على الأستار

ومن الرجال معالم ومجاهل * ومن النجوم غوامض ودراري

والناس مشتبهون في إيرادهم * وتفاضل الأقوام في الأصدار

عمري لقد أوطاتهم طرق العلا * فعموا فلم يقفوا على آثاري

لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا * وعمى البصائر من عمى الأبصار

هلا سعوا سعي الكرام فأدركوا * أو سلموا لمواقع الأقدار

ولربما اعتضد الحليم بجاهل * لا خير في يمنى بغير يسار

مالك بن الريب المازني التميمي 
يرثي نفسه
هو شاعر كان قاطعا للطريق حتى طلب منه أمير خراسان (حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يتوب ويستصحبه ، فأطاعه وحسنت سيرته حتى كان في الطريق الى غزوه و في انثناء الراحه و في القيلوله لسعته افعى و جرى السم في جسمه فأحس بالموت فرثى نفسه) وقد قال قبل موته يرثي نفسه :


ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً * بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه * وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى * مزارٌ ولكنَّ الغضى ليس دانيا
ألم ترَني بِعتُ الضلالةَ بالهدى * وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيا
وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد ما * أرانيَ عن أرض الآعاديّ قاصِيا
دعاني الهوى من أهل أُودَ وصُحبتي * بذي (الطِّبَّسَيْنِ) فالتفتُّ ورائيا
أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ * تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا
أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا * جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا
إنِ اللهُ يُرجعني من الغزو لا أُرى * وإن قلَّ مالي طالِباً ما ورائيا
تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي * سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا
لعمريْ لئن غالتْ خراسانُ هامتي * لقد كنتُ عن بابَي خراسان نائيا
فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعدْ * إليها وإن منَّيتُموني الأمانيا
فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً * بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا
ودرُّ الظبَّاء السانحات عشيةً * يُخَبّرنَ أنّي هالك مَنْ ورائيا
ودرُّ كبيريَّ اللذين كلاهما * عَليَّ شفيقٌ ناصح لو نَهانيا
ودرّ الرجال الشاهدين تَفتُُّكي * بأمريَ ألاّ يَقْصُروا من وَثاقِيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي * ودّرُّ لجاجاتي ودرّ انتِهائيا
تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ * سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا
وأشقرَ محبوكاً يجرُّ عِنانه * إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا
ولكنْ بأطرف (السُّمَيْنَةِ) نسوةٌ * عزيزٌ عليهنَّ العشيةَ ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفزة * يُسّوُّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا
ولمّا تراءتْ عند مَروٍ منيتي * وخلَّ بها جسمي، وحانتْ وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنّه * يَقَرُّ بعينيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا
فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا * برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا
أقيما عليَّ اليوم أو بعضَ ليلةٍ * ولا تُعجلاني قد تَبيَّن شانِيا
وقوما إذا ما استلَّ روحي فهيِّئا * لِيَ السِّدْرَ والأكفانَ عند فَنائيا
وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجَعي * ورُدّا على عينيَّ فَضْلَ رِدائيا
ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكما * من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا
خذاني فجرّاني بثوبي إليكما * فقد كنتُ قبل اليوم صَعْباً قِياديا
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيل أدبَرتْ * سريعاً لدى الهيجا إلى مَنْ دعانيا
وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى * وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجارِ وانيا
فَطَوْراً تَراني في ظِلالٍ ونَعْمَةٍ * وطوْراً تراني والعِتاقُ رِكابيا
ويوما تراني في رحاً مُستديرةٍ * تُخرِّقُ أطرافُ الرِّماح ثيابيا
وقوماً على بئر السُّمَينة أسمِعا * بها الغُرَّ والبيضَ الحِسان الرَّوانيا
بأنّكما خلفتُماني بقَفْرةٍ * تَهِيلُ عليّ الريحُ فيها السّوافيا
ولا تَنْسَيا عهدي خليليَّ بعد ما * تَقَطَّعُ أوصالي وتَبلى عِظاميا
ولن يَعدَمَ الوالُونَ بَثَّا يُصيبهم * ولن يَعدم الميراثُ مِنّي المواليا
يقولون: لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونني * وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا
غداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غدٍ * إذا أدْلجُوا عنّي وأصبحتُ ثاويا
وأصبح مالي من طَريفٍ وتالدٍ * لغيري، وكان المالُ بالأمس ماليا
فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الرَّحا * رحا المِثْلِ أو أمستْ بَفَلْوجٍ كما هيا
إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلوا * بها بَقراً حُمّ العيون سواجيا
رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّها * يَسُفْنَ الخُزامى مَرةً والأقاحيا
وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى * بِرُكبانِها تعلو المِتان الفيافيا
إذا عُصَبُ الرُكبانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ) * و(بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا
فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالكٍ * كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا
إذا مُتُّ فاعتادي القبورَ وسلِّمي * على الرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا
على جَدَثٍ قد جرّتِ الريحُ فوقه * تُراباً كسَحْق المَرْنَبانيَّ هابيا
رَهينة أحجارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّنتْ * قرارتُها منّي العِظامَ البَواليا
فيا صاحبا إما عرضتَ فبلِغاً * بني مازن والرَّيب أن لا تلاقيا
وعرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنها * سَتَفلِقُ أكباداً وتُبكي بواكيا
وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً * بعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرف رانيا
بِعودٍ أَلنْجوجٍ أضاءَ وَقُودُها * مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُوراً جَوازيا
غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقفزةٍ * يَدَ الدهر معروفاً بأنْ لا تدانيا
اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى * به من عيون المُؤنساتِ مُراعيا
وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَني * بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ المُداويا
فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي * وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا
وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ * ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا

 قلب الام

أغرى امرؤٌ يوماً غُلاماً جاهلاً
بنقوده حتى ينال به الوطرْ

قال : ائتني بفؤادِ أمك يا فتى
ولك الدراهمُ والجواهر والدررْ

فمضى وأغرز خنجراً في صدرها
والقلبُ أخرجهُ وعاد على الأثرْ

لكنه من فرطِ سُرعته هوى
فتدحرج القلبُ المُعَفَّرُ إذا عثرْ

ناداه قلبُ الأمِ وهو مُعفَّـرٌ :
ولدي ، حبيبي ، هل أصابك من ضررْ ؟

فكأن هذا الصوتَ رُغْمَ حُنُوِّهِ
غَضَبُ السماء على الوليد قد انهمرْ

فدرى فظيع جنايةٍ لم يأتها
ولد سواهُ مُنْذُ تاريخِ البشرْ

وارتد نحو القلبِ يغسلهُ بما
فاضتْ به عيناهُ من سيلِ العِبرْ

ويقول : يا قلبُ انتقم مني ولا
تغفرْ ، فإن جريمتي لا تُغتفرْ

واستلَّ خنجرهُ ليطعنَ صدرهُ
طعناً سيبقى عبرةً لمن اعتبرْ

ناداه قلبُ الأمِّ : كُفَّ يداً ولا
تذبح فؤادي مــرتــيــن ِ عـــلـــى الأثـرْ






حديقة الحيوان (احمد مطر)

ولـــــــــدي يـــــــــزور حـــديـــقـــة الـــحـــيــــــــوانِ
                
ويـعـــــــود يحـكـــي لـــي كـــوصـــــــــف عـيــــــانِ

ويـــقـــول يــــــا أبـــتـــي رأيــــــت مــشــــــــاهـــدا             
                   
تـــــــــدع الــحــلــيـــم هـــــنـــــاك كــالــحـــيـــــرانِ

إنـــــي رأيـــــت الـــذئـــب يــظــهـــــــــــر بـــأســــه
                  
فــــــــــــي نــــعــــجــــة مــــنــــهـَـــدّة الأركـــــــــانِ

ورأيــــــــت قــــــــردا فــاســـقـــا مـتـلــصــــــصـــــــا
                      
يــرنـــــــــــو إلـــــى الأنــثـــى لــــــدى الــجــيــــرانِ

ورأيــــــت ديـــكـــا مـتـخــمــا شــبـــــعــا ولـــــــــــم
                       
يــــــــــرم الـــفـــتــــات لـــــجـــــاره الـــجــــوعــــانِ

ورأيـــــــت لـــيــــثــــا خـــــائــــــرا مـــتــــخـــــــــاذلا
                     
وعــــــريــــنــــه بــــــقــــــيـــــــادة الـــــجـــــــــــرذانِ

ورأيــــــــتُ صقــــــــراً غـــــــــافــــــــــــلاً.. وإنـــاثُــــهُ
                     
مفتــــــــــــونةٌ بالـــــبـــــــــومِ والغِــــــــــــــــــربــــانِ

ورأيــــــتُ ثـــــوراً كــــــــــم يـــظــــــــــنُّ خُـــــــــوارَهُ
                        
شَــــــــــدْواً كشـــــــــــدوِ بــلابــل البُســــــــــــــتانِ

ورأيـــــتُ دُبَّــــــــاً كالكــثـــــيب ضـــــخــــــــــامــــــةً
                        
و يــظــــــــــــــنُّ قامتَــــــهُ كغُصـــــــــن البــــــــــانِ

ورأيـــــت لــلحــــــــربــــــاء ألـــــــــــفَ عبــــــــــــاءةٍ
                      
لِتَـــــبَــــــــدُّلِ الأحــــــــــــــــوالِ و الأزمـــــــــــــــــانِ

والثعــــــــــلب المكــــــــار يمشـــــــي خاشـعــــــــاً
                         
متــــظــــــــاهراً بالزُّهـــــــــــــد والإيمـــــــــــــــــــــانِ

فصــــــرخـــــتُ : أَقْصِـــــــرُ يا بُنـــــَيَّ و لا تَــــــــــــزِدْ
                           
حرفــــــــــــــــــاً.. فتـــــلك حـــــديقـــــــة الإنســــانِ


    ****                                             
             معارضـــــــــــــــــــــــــة

ولــــــدي يـــــــزور مـــــجــالــــــــــس الإنـــســـــــان

                             
ويـعــــــــود يحــــكـي لـــي كـوصـــــف عـيــــــــــــانِ

ويـــقـــول يــــــا أبـــتـــي رأيــــــت مــشـــــاهـــــــداً

                            
تـــــــــدع الــحــلــيـــم هـــــنـــــاك كــالــحـــيــــــرانِ

إنــــــي رأيــــــت الـــجـــار يـــســـرق جـــــــــــــــاره

                           
فـــــــي غــفــلـــة مــــــــن أعــــيــــن الــجــــيــــران

ورأيـــــــــت خـــــــــلاً لا يــــكـــف لـــســـــــــــانــــه

                           
عـــــــــن غيــــــبــــة الأصحـــــــــاب والخــــــــــلان

ورأيــــــــت أســـــتــــاذا يـــــبـــــث جــــهــــــــــالــــة

                          
بـــمـــســــامـــع الـــــــطــــــــلاب والـــــــولــــــــدانِ

ورأيـــــــــت أمــــــــا أهــــمــــلـــت أبـــنــــــــــاءهــــا

                          
وتــشـــاغـــلـــت بــمـــجـــالـــس الــــنــــســـــــوانِ

وكــــــــذا رأيـــــــت أبــــــــا رمـــــــى أبــــنـــــــــــاءه

                        
بــمـــجـــاهـــل الــتــقــصــــــيـــر والـــنـــســـيــــــانِ

ورأيــــــت جــــنـــــدا غــافــلـــيـــن بــلــهـــوهـــــــم

                        
وعـــــدوهـــــــم فــــــــــي هـــــــمـــــة وتـــــفــــــانِ

فصـــــرخـــــت : فـارحـــــــــــل يا بــــني ولا تــــــــزر

                     
فــــي الـعـمـــر غـــيـــر مـــكــــاتـب الأعــــيــــــــــانِ

ولــــــــدي يــــــــزور مــكـــاتـــب الأعــــيــــــــــــــــان

                    
ويـعـــــــــود يحــــــكـي لـــي كـوصــــــــف عـيــــــانِ

ويـــقــــول يــــــا أبـــتـــــي رأيــــــت مــشــاهــــــداً

                    
تـــــــــدع الــحــلــيـــم هـــــنـــــاك كــالــحـــيــــــرانِ

إنـــــــي رأيـــــــت الـــوغــــد يــنــشــــــر بــغـــــيـــه

                        
و يــقــول هــــذا الـبــغــــــي مـــــن إحـســـــــانـــي

ورأيـــــــــــــت أفــّـــــاكــــــــــا يـــــروج إفــــــكــــــــــه

                       
ويـــقـــول هـــــــذا الإفــــــك فــــــي الـــقــــــــــــرآنِ

ورأيــــــــت ســلــطــانــا بــــنـــــى ســلــطـــــــانـــه

                     
بـجــمــاجــم الأحـــــــرار فــــــــي الأوطـــــــــــــــــانِ

ورأيــــــت مـحـكــمــة جــــــــرت أحـكــامــهـــــــــــــا

                
بــــالـــــجـــــور و الــــتـــــزويـــــــر والـــبـــهـــــتــــــانِ

ورأيــــــت قـــائـــد جـيــشــهــم فــــــي خـــلــــــــوة

                
ويــــقــــابــــل الأعــــــــــــداء بــــالأحــــضــــــــــــــانِ

فصرخــــــت : فارحـــــــــــــل يا بـــنـــي و لا تـــــزر

                     
فـــي الـعـمــــــــــر غـيـــــر مـجـــالــــس الإيــمـــــانِ

للذئـــــب أفضــــــــل من بنـــي الإنســــــــــــــــــــانِ

                         
إن غــــــــاب فيـــــــــــنا المنهـــــــج الـــــربــــــاني




عنوان الحكم
لابي الفتح البستي

زيادة المرء في دنياه نقصان& وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له & فإن معناه في التحقيق فقدان
يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً & تالله هل لخراب الدهر عمران؟
ويا حريصاً على الأموال تجمعها & أنسيت أن سرور المال أحزان
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته & أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستعمل فضائلها & فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
دع الفؤاد عن الدنيا وزخرفها & فصفوها كدر والوصل هجران
وأوع سمعك أمثالاً افصلها & كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم & فطالما استعبد الإنسان إحسان
وإن أساء مسيء فليكن لك في & عروض زلته صفح وغفران
وكن على الدهر معواناً لذي أملٍ & يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصماً & فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتقي الله يحمد في عواقبه & ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب & فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعاً فليس له & على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة & إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم & وعاش وهو قرير العين جذلان
من مد طرفاً لفرط الجهل نحو هوى & أغضى على الحق يوماً وهو حزنان
من عاشر الناس لاقى منهم نصباً & لأن أخلاقهم بغي وعدوان
من كان للعقل سلطان عليه غداً & وما على نفسه للحرص سلطان
ومن يفتش على الإخوان يقلهم & فجل إخوان هذا العصر خوان
ولا يغرنك حظ جره خرق & فالخرق هدم ورفق المرء بنيان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة & والحر بالعدل والإحسان يزدان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته & فكل حر لحر الوجه صوان
وإن لقيت عدواً فالقه أبداً & والوجه بالبشر والإشراق غضان
من استشار صروف الدهر قام له & على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه & ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار قام وفي & قميصه منهم صل وثعبان
كن ريق البشر إن المرء همته & صحيفة وعليها البشر عنوان
ورافق الرفق في كل الأمور فلم & يذمم يندم رفيق ولم يذممه إنسان
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة & فلن يدوم على الإنسان إمكان
دع التكاسل في الخيرات تطلبها & فليس يسعد بالخيرات كسلان
لا ظل للمرء أحرى من تقى ونهى & وإن أظلته أوراق وأغصان
الناس إخوان من والته دولته & وهم عليه إذا عادته أعوان
سحبان من غير مال باقل حص & وباقل في ثرآء المال سحبان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم & غرائز لست تحصيها وأكنان
ما كان ماء كصدآء لوارده & نعم ولا كل نبت فهو سعدان
وللأمور مواقيت مقدرة & وكل أمر له حد وميزان
فلا تكن عجلاً في الأمر تطلبه & فليس يحمد قبل النضج بحران
حسب الفتى عقله خلا يعاشره & إذا تحاماه إخوان وخلان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى & وساكناً وطن مال وطغيان
إذا بنا نباخ بكريم موطن فله & وراءه في بسيط الأرض أوطان
يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده & إن كنت في سنة فالدهر يقظان
يا أيها العالم المرضي سيرته & أبشر فأنت بغير الماء ريان
ويا أخا الجهل لو أصبحت في لججٍ & فأنت ما بينها لاشك ظمآن
لا تحسبن سروراً دائماً أبداً & من سره زمن ساءته أزمان
إذا جفاك خليل كنت تألفه & فاطلب سواه فكل الناس إخوان
وإن نبت بك أوطان نشأت بها & فارحل فكل بلاد الله أوطان
خذها سوائر أمثال مهذبة & فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسانها والطبع صائغها & إن لم يصغها قريع الشعر حسان


الحث على طلب العلم
للفقيه الزاهد ابو إسحاق إبراهيم بن مسعود الألبيري رحمة الله عليه

تفت فؤادك الأيام فتا ... وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق ... ألا يا صاح أنت أريد أنتا
أراك تحب عرسا ذات غدر ... أبت طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط ... بها حتى إذا مت انتبهتا
فكم ذا أنت مخدوع وحتى ... متى لا ترعوي عنها وحتى


أبا بكر دعوتك لو أجبتا ... إلى ما فيه حظك إن عقلتا
إلى علم تكون به إماما ... مطاعا إن نهيت وإن أمرتا
وتجلو ما بعينك من عشاها ... وتهديك السبيل إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجا ... ويكسوك الجمال إذا اغتربتا
ينالك نفعه ما دمت حيا ... ويبقى ذخره لك إن ذهبتا
هو الغضب المهند ليس ينبو ... تصيب به مقاتل من ضربتا
وكنز لا تخاف عليه لصا ... خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه ... وينقص أن به كفا شددتا
فلو قد ذقت من حلواه طعما ... لآثرت العلم التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عنه هوى مطاع ... ولا دنيا بزخرفها فتنتا
ولا ألهاك عنه أنيق روض ... ولا خدر بربربه كلفتا
فقوت الروح أرواح المعاني ... فإن أعطاكه الله اخذتا


وإن أوتيت فيه طويل باع ... وقال الناس إنك قد شبقتا
فلا تأمن سؤال الله عنه ... بتوبيخ علمت فهل عملتا
فرأس العلم تقوى الله حقا ... وليس بأن يقال لقد رأستا
وضاقي ثوبك الإحسان لا أن ... ترى ثوب الإسادة قد لبستا
إذا ما لم يفدك العلم خيرا ... فخير منه أن لو قد جهلتا
وإن ألقاك فهمك في مهاو ... فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ستجنى من ثمار العجز جهلا ... وتصغر في العيون إذا كبرنا
وتفقد إن جهلت وأنت باق ... وتواجد إن علمت وقد فقدن
وتذكر قولتي لك بعد حين ... وتغبطها إذا عنها شغلتا
لسوف تعض من ندم عليها ... وما تغني الندامة إن ندمتا
إذا أبصرت صحبك في سماء ... قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا
فراجعها ودع عنك الهوينى ... فما بالبطء تدرك ما طلبنا
ولا تحفل بمالك واله عنه ... فليس المال إلا ما علمتا
وليس لجاهل في الناس معنى ... ولو ملك العراق له تأتى
سينطق عنك علمك في ندي ... ويكتب عنك يوما إن كتبتا
وما يغنيك تشييد المباني ... إذا بالجهل نفسك قد هدمتا
جعلت فو العلم جهلا ... لعمرك في القضية ما عدلتا


وبينهما بنص الوحي بون ... ستعلمه إذا طه قرأتا
لئن رفع الغنى لواء مال ... لأنت لواء علمك قد رفعتا
وإن جلس الغنى على الحشايا ... لأنت على الكواكب قد جلستا
وإن ركب الجياد مسومات ... لأنت مناهج التقوى ركبتا
ومهما افتض أبكار الغواني ... فكم بكر من الحكم افتضضتا
وليس يضرك الإقتار شيئا ... إذا ما أنت ربك قد عرفتا
فماذا عنده لك من جميل ... إذا بفناء طاعته أنختا
فقابل بالقبول صحيح نصحي ... فإن أعرضت عنه فقد خسرتا
وإن راعيته قولا وفعلا ... وتاجرت الإله به ربحتا
فليست هذه الدنيا بشيء ... تسؤوك حقبة وتسر وقتا
وغايتها إذا فكرت فيها ... كفيئك أو كحلمك إن حلمتا
سجنت بها وأنت لها محب فكيف تح ما فيه سجنتا
وتطعمك الطعام وعن قريب ... ستطعم منك ما منها طعمتا
وتعرى إن لبست لها ثيابا ... وتكسى إن ملابسها خلعتا
وتشهد كل يوم دفن خل ... كأنك لا تراد بما شهدتا


ولم تخلق لتعمرها ولكن ... لتعبرها فجد لما خلقتا
وإن هدمت فزدها أنت هدما ... وحصن أمر دينك ما استطعتا
ولا تحزن على ما فات منها ... إذا ما أنت في أخراك فزتا
فليس بنافع ما نلت فيها ... من الفاني إذا الباقي حرمتا
ولا تضحك مع السفهاء لهوا ... فإنك سوف تبكي إن ضحكتا
وكيف لك السرور وأنت رهن ... ولا تدري أتفدى أم غلقتا
وسل من ربك التوفيق فيها ... وأخلص في السؤال إذا سألتا
وناد إذا سجدت له اعترافا ... بما ناداه ذو النون بن متى
ولازم بابه قرعا عساه ... سيفتح بابه لك إن قرعتا
وأكثر ذكره في الأرض دأبا ... لتذكر في السماء إذا ذكرتا
ولا تقل الصبا فيه مجال ... وفكر كم صغير قد دفنتا


وقل لي يا نصيح لأنت أولى ... بنصحك لو بعقلك قد نظرتا
تقطعني على التفريط لوما ... وبالتفريط دهرك قد قطعتا
وفي صغري تخوفني المنايا ... وما تجري ببالك حين شختا
وكنت مع الصبا أهدى سبيلا ... فما لك بعد شيبك قد نكستا
وها أنا لم أخض بحر الخطايا ... كما قد خضته حتى غرقتا
ولم أشرب حميا أم دفر ... وأنت شربتها حتى سكرتا
ولم أحلل بواد فيه ظلم ... وأنت حللت فيه وانهملتا
ولم أنشأبعصر فيه نفع ... وأنت نشأت فيه وما انتفعتا
وقد صاحبت أعلاما كبارا ... ولم أرك اقتديت بمن صحبتا
وناداك الكتاب فلم تجبه ... ونهنهك المشيب فما انتبهتا
ليقبح بالفتى فعل التصابي ... وأقبح منه شيخ قد تفتى
فأنت أحق بالتفنيد مني ... ولو سكت المسيء لما نطقتا
ونفسك ذم لا تذمم سواها ... بعيب فهي أجدر من ذممتا


فلو بكت الدما عيناك خوفا ... لذنبك لم أقل لك قد أمنتا
ومن لك بالامان وأنت عبد ... أمرت فما أئتمرت ولا أطعتا
ثقلت من الذنوب ولست تخشى ... لجهلك أن تخف إذا وزنتا
وتشفق للمصر على المعاصي ... وترحمه ونفسك ما رحمتا
رجعت القهقرى وخطبت عشوا ... لعمرك لو وصلت لما رجعتا
ولو وافيت ربك دون ذنب ... وناقشك الحساب إذا هلكتا
ولم يظلمك في عمل ولكن ... عسير أن المنازل فيه شتى
لأعظمت الندامة فيه لهفا ... على ما في حياتك قد اضعتا
تفر من الهجير وتنقيه ... فهلا عن جهنم قد فررتا
ولست تطيق أهونها عذابا ... ولو كنت الحديد بها لذبتا
فلا تكذب فإن الأمر جد ... وليس كما احتسبت ولا ظننتا
أبا بكر كشف أقل عيبي ... وأكثره ومعظمه سترتا


فقل ما شئت في من المخازي ... وضاعفها فأنك قد صدقتا
ومهما عبتني فلفرط علمي ... بباطنتي كأنك قد مدحتا
فلا ترض المعايب فهي عار ... عظيم يورث الانسان مقتا
وتهوي بالوجيه من الثريا ... وتبدله مكان الفوق تحتا
كما الطاعات تنعلك الدراري ... وتجعلك القريب وإن بعدتا
وتنشر عنك في الدنيا جميلا ... فتلفى البر فيها حيث كنتا
وتمشي مناكبها كريما ... وتجني الحمد مما قد غرستا
وأنت الآن لم تعرف بعاب ... ولا دنست ثوبك مذ نشأتا
ولا سابقت في ميدان زور ... ولا أوضعت فيه ولا خببتا
فإن لم تنأ عنه نشبت فيه ... ومن لك بالخلاص إذا نشبتا
ودنس ما تطهر منك حتى ... كأنك قبل ذلك ما طهرتا
وصرت أسير ذنبك في وثاق ... وكيف لك الفكاك وقد اسرتا
وخف أبناء جنسك واخش منهم ... كما تخشى الضراغم والسبنتى
وخالطهم وزايلهم حذارا ... وكن كالسامري إذا لمستا


وإن جهلوا فقل سلاما ... لعلك سوف تسلم إن فعلتا
ومن لك بالسلامة في زمان ... ينال العصم إلا إن عصمتا
ولا تلبث بحي فيه ضيم ... يميت القلب إلا إن كبلتا
وغرب فالغريب له نفاق ... وشرق إن بريقك قد شرقتا
ولو فوق الأمير تكون فيها ... سموا وأفتخارا كنت أنتا
وإن فرقتها وخرجت منها ... إلى دار السلام فقد سلمتا
وإن كرمتها ونظرت منها ... بإجلال فنفسك قد أهنتا
جمعت لك النصائح فامتثلها ... حياتك فهي أفضل ما امتثلتا
وطولت العتاب وزدت فيه ... لأنك في البطالة قد أطلتا
فلا تأخذ بتقصيري وسهوي ... وخذ بوصيتي لك إن رشدتا
وقد اردفتها ستا ... وكانت قبل ذا مئة وستا


الا يا فاضل الاخلاق

ألا يا فاضل الأخـــــــلاق إني ** رأيتك عاشـــــــقاً لل education (التربية)

‏‏فَدُمْ في الفضل والأخلاق بحراً ** كمـــــــا قد كنت للآداب ِocean (محيط)

وقد كذب الذي يَبغي افتخــــاراً ** عليك صناعــــةً أو cultivation (حراثة)

‏‏تُلِمُّ بكل ألسنــــــــة البرايــــــا ** وتفهمها بغيـــــــر translation (ترجمة)

‏وأنت الأصل في شـــــرفٍ وعز ** وغيرك خابط في ال imitation ( محاكاة)

ولم أسمع بمثلك هندســـــــيا ** يدير معاملا بأقــــــــل motion ( حركة)

كأنك في الرياض تُديــــــر فيها ** جداولها مديــــــر ال irrigation ( الري)

‏مدحتُكَ لستُ أطلبُ منْكَ مـــالاً ** ولكني أريـــــــدُ ال invitation (دعوة)

‏‏وقفت على ابن سينا في علاجٍ ** وجئت لنا بأنجـــــح operation (عملية)

‏هداكَ اللهُ أنت فتىً كريــــــــمٌ‏ ** وأنت أعزُّ أهـــــــــلِِ الله ِnation (عشيرة
)


ايا ذا القلب لا تحزن 


أياذا القلب لا تحــزن **  فذاك الحب Infection

فلن تجدي عقاقيــــــر ** ولن تشفيك Injection

فكم من عاقل فطـــن  ** مضى بالحب Direction

ستنكره وتنســــــــاه  ** ولن يبقى له Mention

فلا تنظم لـــــه شعراً ** ولا تكتب لـــه Section

ولا يحزنك من باعك ** فقد أخطأت Selection

ولا تبدي له أسفــــــاً ** ولا تبدي لــــــه action

فإن الحب منزلــــــةٌ **  لبعض الناس exception

فبعض الناس إن هجروا**  فلا حزنٌ ولا tension

وبعض الناس إن هجروا** يظل ويبقى connection




كن بلسما
ايليا ابو ماضي 





كن بلسماً إن صار دهرك أرقما وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟ أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما إني وجدتُ الحبَّ علما قيما
لو لم تَفُحْ هذي ، وهذا ما شدا ، عاشتْ مذممةً وعاش مذمما
فاعمل لإسعاد السّوى وهنائهم إن شئت تسعد في الحياة وتنعما
***
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا لولا الشعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما
كرهَ الدجى فاسودّ إلا شهبُهُ بقيتْ لتضحك منه كيف تجهّما
لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما
لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما
لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما
لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما
وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى
والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما





ايها الشاكي

يّها الشّاكي وما بك داءُ
كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟

انّ شرّ الجناة في الأرضِ نفسٌ
تتوقّى، قبل الرّحيلِ ، الرّحيلا

وترى الشّوكَ في الورودِ ، وتعمى
أن ترى فوقها النّدى إكليلا

هو عبءٌ على الحياةِ ثقيلٌ
من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا

والذي نفسه بغيرِ جمالٍ
لا يرى في الوجودِ شيئا جميلا

ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا
ويظنّ اللّذات فيه فضولا

أحكم النّاس في الحياة أناسٌ
عللّوها فأحسنوا التّعليلا

فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه
لا تخف أن يزولَ حتى يزولا

أنت للأرضِ أولا وأخيرا
كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا

لا خلود تحت السّماء لحيّ
فلماذا تراود المستحيلا ؟..

وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ
فتفيّأ به إلى أن يحولا

وتوقّع ، إذا السّماء اكفهرّت
مطرا يحيي السهولا

كن غديرا يسير في الأرض رقراقا
فيسقي من جانبيه الحقولا

لا وعاءً يقيّد الماء حتى
تستحلّ المياه فيه وحولا

كن مع الفجر نسمة
توسع الأزهار شمّا وتارة تقبيلا

لا سموما من السّوافي اللّواتي
تملأ الأرض في الظّلام عويلا

ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات
والنّهر والرّبى والسّهولا

لا دجى يكره العوالم والنّاس
فيلقي على الجميع سدولا

أيّها الشّاكي وما بك داءُ
كن جميلا ترى الوجود جميلا                                                                      
 
اختاه يا بنت الاسلام تحشمي
أختاه يا بنت الإســـــلام تحشمي  *** لا ترفعي عنك الخمار فتندمي
هذا الخمار يزيد وجهك بهجـــــة *** وحلاوة العينيـــــــن أن تتلثمي
صوني جمالك إن أردت كرامــــة*** كيلا يصول عليك ادني ضيغم
لا تعرضي عن هدي ربك ساعة *** عضي عليه مدي الحياة لتغنمي

ما كان ربك جائراً في شرعـــــه *** فاستمسكي بعـــراه حتى تسلمي
ودعي هراء القائلين سفاهـــــــــة *** إن التقــدم في السفور الأعجمي
إياك إياك الخداع بقولــــــــــــــهم *** سمـــراء يا ذات الجمال تقدمي
إن الذين تبرؤوا عن دينــــــــــهم *** فهم يبيعون العفــــــــاف بدرهم
حلل التبرج إن أردت رخيــــصة *** أما العفـــــــاف فدونه سفك الدم

بنت الجزيرة ما أري لك شيمــــة *** هــــذا التبرج يا فتـــــــاة تكلمي
حسنــــــــــاء يا ذات الدلال فإنني *** اخشي عليك من الخبيث المجرم
لا تعرضي هذا الجمال علي الورى *** إلا لـــــــزوج أو قريب محرم
لا ترسلي الشعر الحرير مرجــــلا *** فالنــــاس حولك كالذئاب الحوم
لا تمنحي المستشرقين تبســـــــما *** إلا ابتسامة كاشــــــــــر متجهم

أنا لا أحبذ أن أراك طليـــــــــقة *** شرقا وغربا في الجنوب ومشـأمي
أنا لا أريد بان أراك جهولـــــــة *** إن الجهـــــــــــــالة مرة كالعلقــم
فتعلمي وتثقفي وتنــــــــــــوري *** والحق يا أختـــــــــــاه أن تتعلمي
لكنني أمسي وأصبح قائـــــــــلا
*** أختـــــــاه يا بنت الإسلام تحشمي

&&&&

ابو القاسم الشابي (قصيدة الجبار)
سَــــــأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعــــــداءِ ـــــــــ كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشمٌـــــــــــاءِ
أرْنُو إلى الشَّــــــمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً ـــــــــ بالسُّـــــــحْبِ والأَمطارِ والأَنواءِ
لا أرْمـــــــقُ الظِّلَّ الكـئيبَ ولا أرَى ـــــــــ مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّــــــــــوداءِ
وأَســــــيرُ في دُنيـــا المَشَاعرِ حالِماً ـــــــــ غَرِداً وتلكَ سَـــــــــعادةُ الشعَراءِ
أُصْغي لمُـوســــــيقى الحَياةِ وَوَحْيِها ـــــــــ وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَــــائي
وأُصيــــــخُ للصَّــــوتِ الإِلهيِّ الَّذي ـــــــــ يُحْيي بقـــــــــــلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ
وأقــولُ للقَــــــدَرِ الَّــــــذي لا ينثني ـــــــــ عَنْ حَرْبِ آمـــــــــــالي بكلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهـــــبَ المؤجَّجَ في دمي ـــــــــ موجُ الأســى وعواصفُ الأَزراءِ
فـــاهدمْ فؤادي ما اســــــتطعتَ فإنَّهُ ـــــــــ ســــــيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعـرفُ الشَّــــــكوى الذليلَة والبكا ـــــــــ وضراعَة الأَطفـــــــالِ والضّعفاءِ
ويعيــــــشُ جبّـــــــــَاراً يحدِّق دائماً ـــــــــ بالفجر بالفجرِ الجميــــــــلِ النَّائي
إِمـــــلأْ طريقي بالمخـاوفِ والدُّجى ـــــــــ وزوابعِ الأَشــــــــواكِ والحصباءِ
وانْشـــــر عـــليه الرُّعب واثر فوقه ـــــــــ رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأســــاءِ
سَــــأَظلُّ أمشــي رغمَ ذلك عـــازفاً ـــــــــ قيثــــــــــــــــارتي مترنِّماً بغنائي
أَمشــــــــي بروحٍ حـــــــالمٍ متَوَهِّجٍ ـــــــــ في ظُـــــــــــــلمةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّــــــور في قلبي وبيـــنَ جوانحي ـــــــــ فَعَلامَ أخشى السَّــــيرَ في الظلماءِ
إنِّي أنـــــــــا النَّايُ الَّـــذي لا تنتهي ـــــــــ أنغامُـــــــــــــهُ ما دام في الأَحياءِ
وأنــــا الخِضَمُّ الرحْبُ ليـــس تزيدُهُ ـــــــــ إلاَّ حياةً سَــــــــــــــــطْوةُ الأَنواءِ
أمَّـــــا إِذا خمـــدت حياتي وانقضى ـــــــــ عُمُري وأخرسَـــــــتِ المنيَّةُ نائي
وخبـــــا لهيبُ الكون في قلبي الَّذي ـــــــــ قد عاش مِثْلَ الشُّـــــــعْلَةِ الحمراءِ
فأنا السَّــــــــعيد بأنَّني مُتحــــــــوِّلٌ ـــــــــ عن عــــــــــــالمِ الآثامِ والبغضاءِ
لأذوبَ في فجر الجمال الســرمديِّ ـــــــــ وأرتـــوي من مَنْهَـــــــلِ الأَضواءِ
وأَقـــــولُ للجَمْعِ الَّذين تجشَّــــــموا ـــــــــ هَــــدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنـــــــائي
ورأوْا على الأَشــــواكِ ظلِّيَ هامِداً ـــــــــ فتخيَّــــــلوا أَنِّي قضيْتُ ذَمـــــــائي
وغدوْا يَشُـــــــــبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما ـــــــــ وجدوا ليشــــــوُوا فوقَهُ أشـــــلائي
ومضَــــوْا يَمُدُّونَ الخُـــوَانَ ليأكلوا ـــــــــ لحمي ويرتشــــــــــفوا عليه دِمائي
إنِّي أقـــــولُ لهمْ ووجهي مُشـــرقٌ ـــــــــ وعلى شـــــفاهي بَسْمَةُ اســـــتهزاءِ
إنَّ المعــــاوِلَ لا تَهُـــــــــدُّ مناكبي ـــــــــ والنَّــــــــــارَ لا تأتي على أعضائي
فارموا إلى النَّار الحشـائشَ والعبوا ـــــــــ يا مَعْشَـــــــرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
وإذا تمرَّدتِ العَواصـــــفُ وانتشى ـــــــــ بالهـــــــــــــــولِ قلْبُ القبَّةِ الزَّرقاءِ
ورأيتمـــوني طـــــــــــائراً مترنِّماً ـــــــــ فـــــوقَ الزَّوابعِ في الفَضــاءِ النَّائي
فارموا على ظلِّي الحجارةَ واختفوا ـــــــــ خَــــوْفَ الرِّيـــــاحِ الْهوجِ والأَنواءِ
وهناكَ في أمنِ البيــــوتِ تطارحوا ـــــــــ غَثَّ الحـــــــــــــديثِ وميِّتَ الآراءِ
وترنَّمـــوا ما شــــــئتمُ بِشَـــــتَائمي ـــــــــ وتجـــــــــاهَروا ما شـــــئتمُ بعِدائي
أمَّــــــا أنـــــــــا فأُجيبكمْ مِنْ فوقكمْ ـــــــــ والشَّـــمسُ والشَّــــفقُ الجميل إزائي
مَنْ جَـــــــاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه ـــــــــ لم يحتفــــــــل بحِجَــــــــــارةِ الفلتاء


الدينار 

تبا له من خادع مماذق ** أصفر ذي وجهين كالمنافق
يبدو بوصفين لعين الرامق ** زينة معشوق ولون عاشق
وحبه عند ذوي الحقائق ** يدعو إلى ارتكاب سخط الخالق
لولاه لم تقطع يمين سارق ** ولا بدت مظلمة من فاسق
ولا اشمأز باخل من طارق ** ولا شكا الممطول مطل العائق
ولا استعيذ من حسود راشق ** وشر ما فيه من الخلائق
أن ليس يغني عنك في المضايق ** إلا إذا فر فرار الآبق
واها لمن يقذفه من حالق ** ومن إذا ناجاه نجوى الوامق
قال له قول المحق الصادق ** لا رأي في وصلك لي ففارق
  

  رثاء الأندلس

ابو البقاء الرندي 

لــكــل شــــيء إذامــاتــم نـقـصــانفــلا يـغـر بطـيـب الـعـيـش إنـســان
هـــي الأمــــور كماشـاهـدتـهـا دولمــن ســـره زمـــن سـاءتــه أزمـــان
وهــذه الــدار لاتبـقـى عـلــى أحـــدولا يــدوم عـلـى حــال لـهــا شـــان
أين الملـوك ذوي التيجـان مـن يمـنوأيــــن مـنـهــم أكـالـيــل وتـيــجــان
وأيــــن مــاشـــاده شــدادفـــي إرموأين ماساسه في الفر س ساسان
وأيــن مـاحـازه قــارون مـــن ذهـــبوأيــــن عــــاد وشــــداد وقـحــطــان
أتـــى عـلــى الــكــل أمــــر لامــــردحـتـى قـضـوا فـكـان الـقـوم ماكـانـوا
وصـار الأمــر مــن مَـلـكٍ ومــن مُـلـككما حكى عن خيال الطيـف وسنـان
كـأنـمـا الـصـعـب لـــم يـسـهـل لـــهسبب يوماً ولا ملـك الدنيـا سليمـان
فـجـائــع الـدنـيــا أنـــــواع مـنــوعــةولــلــزمــان مـــســـرات وأحـــــــزان
ولـلــحــوادث ســلـــوان يـسـهـلـهــاولــمــا حــــل بــالأســلام ســلــوان
دهــى الجـزيـرة أمـــر لا عـــزاء لـــههـــوى لـــه أحـــد وأنــهــد ثــهــلان
فـي العيـن فــي الأســلام فـارتـزأتحـتـى خـلـت مـنـه أقـطــار وبـلــدان
فـأسـأل بلنسـيـة مـاشـان مرسـيـةوأيــــن شـاطـبــة أم أيــــن جــيـــان
وأيـــن قـرطـبــة دار الـعـلــوم فــكــممن عالـم قـد سمـا فيهـا لـه iiشـان
وأيــن حـمـص وماتحـويـه مــن نـــزهونـهـرهـا الــعــذب فــيــاض ومــــلآن
قـواعــد كـــن أركـــان الـبــلاد فــمــاعسـى البـقـاء إذا لــم تـبـق أركــان
تبكـي الحنيفيـة البيضـاء مـن أسـفكـمـا بـكـى لـفـراق الإلــف هـيـمـان
عـلـى ديــار مــن الأســـلام خـالـيـةقــد أقـفـرت ولـهــا بالـكـفـر عـمــران
حيـث المساجـد قـد صـارت كنائـسمـافـيـهــن إلا نـواقــيــس وطـــبـــان
حتى المحاريب تبكي وهـي جامـدةحتـى المنابـر تبكـي وهــي عـيـدان
ياغـافـلاً ولــه فــي الـدهـر موعـضـةإن كنـت فـي سنـةٍ فالدهـر يقـضـان
ومـاشـيـاً مــرحــاً يـلـهـيـه مـوطـنــهأبـعـد حـمــص تـغــر الـمــرء أوطـــان
تـلـك المصيـبـة أنـســت ماتقـدمـهـاومالـهـا مــن طــوال الـدهـر نسـيـان
ياراكـبـيـن عـتــاق الـخـيـل ضــامــرةكأنهـا فــي مـجـال السـبـق عقـبـان
وحاملـيـن سـيـوف الـهـنـد مـرهـفـةكـأنـهـا فـــي ظـــلام الـنـقـع نـيــران
وراتـعـيـن وراء الـبـحـر فــــي دعــــةلـهــم بـأوطـانـهـم عــــز وسـلـطــان
أعنـدكـم نـبـاء مــن أهـــل أنـدلــسفقـد ســرى بحـديـث الـقـوم ركـبـان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهمقتلـى وأســرى فـمـا يهـتـز أنـسـان
لمـاذا التقاطـع فـي الأسـلام بينكـموأنـــتــــم يــاعــبـــاد الله أخــــــــوان
يـامــن لـذلــة قـــوم بـعــد عـزتـهــمأحــــال حـالـهــم جـــــور وطـغــيــان
بالأمـس كانـوا ملوكـاً فـي منازلـهـمواليـوم هـم فـي بـلاد الكفـر عبـدان
فـلـو تـراهـم حـيـارى لادلـيـل لـهــمعليـهـم فـــي ثـيــاب الـــذل ألـــوان
يـــارب أم وطــفــل حــيــل بيـنـهـمـاكـــمــــا تــــفــــرق أروح وأبــــــــدان
وطفـلـة مـثـل حـسـن الشـمـس إذطلعـت كأنمـا هـي ياقـوت ومـرجـان
يـقـودهـا الـعـلـج لـلـمـكـروه مٌــكــرةوالـعـيـن بـاكـيـة والـقـلــب حــيــران
لمثـل هـذا يبكـي القلـب مـن كـمـدإن كـان فـي القلـب إسـلام وإيـمـان



                                                                     
غرناطة

                                                                                     نزار قباني

في مدخل الحمراء كان لقاؤنا

                              ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد

عينان سوداوان في جحريهما

                                 تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد

هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها

                               قالت: وفي غـرناطة ميلادي

غرناطة؟ وصحت قرون سبعة

                                  في تينـك العينين.. بعد رقاد

وأمـية راياتـها مرفوعـة

                                 وجيـادها موصـولة بجيـاد

ما أغرب التاريخ كيف أعادني

                                 لحفيـدة سـمراء من أحفادي

وجه دمشـقي رأيت خـلاله

                             أجفان بلقيس وجيـد سعـاد

ورأيت منـزلنا القديم وحجرة

                          كانـت بها أمي تمد وسـادي

واليـاسمينة رصعـت بنجومها

                                 والبركـة الذهبيـة الإنشـاد

ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها

                                  في شعـرك المنساب ..نهر سواد

في وجهك العربي، في الثغر الذي

                                ما زال مختـزناً شمـوس بلادي

في طيب "جنات العريف" ومائها
                             في الفل، في الريحـان، في الكباد

سارت معي.. والشعر يلهث خلفها

                           كسنابـل تركـت بغيـر حصاد

يتألـق القـرط الطـويل بجيدها

                            مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..


ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي

                             وورائي التاريـخ كـوم رمـاد

الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها

                       والزركشات على السقوف تنادي

قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا

                         فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي

أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً

                      ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي

يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت

                           أن الـذين عـنتـهم أجـدادي

عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها

                          رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"

 

**********************************

يا أرض أندلس الحبيبة
عبد الله الشهري
بالله إن زرت المغاني مرةً
                                                  
عرّج على أهلي هناك وسلمِ
كانوا الملوك على الزمان وقارنوا الـ
                                            
جوزاء واصطفوا جوار الأنجمِ
واذا سألت فلم تجبك طلولهم
                                           
فاشرق بدمعك أو فغص بعلقمِ !
ياأرض أندلسَ الحبيبة كلمي
                                            
إني بكيت على فراقك فاعلمي
لم تنسني الأيام صوتك ِ عندما
                                                  
ناديتني فصمت ُ لم أتكلم ِ
وقعدت ُ عن أرض ٍ تباد ُ وعن ربى ً
                                         
سعدت قروناً في ظلال المسلم ِ
ياويح عباد الصليب بحقدهم
                                           
هدموا منار حضارة ٍ وتقدم ِ
لم يشف ِ غلهم مدائن حُرقَت
                                           
ومساجد دهمت وأنهار الدم ِ
حتى مشوا للغيد ِ بين ستورها
                                      
ليدنسوا العرض الذي لم يثلم ِ
أبكي على تلك الكواعب ويلها
                               
سيقت الى أحضان ِ نذل ٍ مجرم ِ
بالأمس ِ كن حرائرا ً لايرتقى
                                              
أبدا ً لهن بعدن بعد الأنجم ِ
واليوم ذقن الأسر َ ذقن هوانه
                                          
فبكين دمعا قانيا كالعندم ِ
بالله إن زرت َ الديار عشية ً
                                  
عرج على أهلي هناك وسلمِ
ابعث لقرطبة السلام فإنها
                                        
طلعت على الدنيا فلم تتلثمِ
واسكب على )جيان(ألف قصيدة ٍ
                                  
وامزج إذاماشئت دمعك بالدم ِ
أتراك تعذر إن )طليطلة(اشتكت
                                        
ظلم النصارى أو قعود المسلم ِ !
أرأيت َ )أشبيلية( انتحبت على
                                               
أبطالها إذ كبلوا بالأدهم ِ
وجُزوا عن النبل ِ الذي عُرِفوا به
                                             
قتلا ً وفتكا ً فوق كل توهم ِ
وكأن أندلسَ التي عصفت بها
                                     
أيدي الفرنجة تستجير بلا فم ِ
لبيك ِ لو أن النجوم تجيبني
                                       
لسريت في جيش ٍ اليك ِ عرمرم ِ
ولصغت ُ نصري َ في شفاهك ِ بسمة ً
                                       
ولعدت ُ أرفع فيك راية مسلم

  

 

نهج البردة 

 لأمير الشعراء احمد شوقي



ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ"== "أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ

رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا"== "يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ

لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً"== "يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي

جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي"== "جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ

رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ"== "إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ

يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ"== "لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ

لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ" =="وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ

يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا"== "أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ

أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى" =="أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ

سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا"== "وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ

مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا"== "اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي

السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى"== "يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ

القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ"== "وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ

العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما"== "أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ

المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ"== "عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ

الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا"== "أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ

مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا"== "لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ

يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ" "إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ

وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى"== "يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ

يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ" =="أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ

ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ"== "أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ

مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ"== "وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ

بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ"== "وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ

لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى"== "مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ

يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ"== "وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ

فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ"== "كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ

مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ"== "مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ

يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها"== "جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ

لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها"== "المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ

كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ"== "لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ

طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ"== "وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ

كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ"== "إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ

يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها"== "مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ

رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما" =="أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ

هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها"== "وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ

صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ"== "فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ

وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ" =="وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ

تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى" =="طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ

إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ"== "في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ

أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى"== "مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ

إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ"== "عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ

وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ"== "قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ

لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن"== "يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ

فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ"== "ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ

عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ"== "في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ

يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ"== "وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ

مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ"== "وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ

وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ"== "مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي

سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً"== "فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ

قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ"== "مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ

نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا"== "وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي

حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ"== "نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ

لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ"== "بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ

سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما" =="مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ

كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما"== "بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ

وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما"== "أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ

يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ" =="وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ

لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ" =="فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ

وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ"== "غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ

مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها"== "قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ

إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها"== "يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ

وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها" =="لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ

هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ"== "أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ

فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها"== "وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ

تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ"== "رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ

يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ"== "هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ

لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ" =="وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ

فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ"== "بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ

جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ"== "وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ

آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ"== "يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ

يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ"== "يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ

يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً"== "حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ

حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ" =="في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ

بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ"== "تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ

سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ"== "في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ

تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ"== "وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ

ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ"== "مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ

أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ"== "إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ

وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ"== "لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ

مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ"== "وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ

يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ"== "وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ

وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ"== "كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ

أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ"== "وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ

لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ"== "كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ

صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ" =="وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ

جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ" =="عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ

رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ" =="لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ

مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ"== "وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ

حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها"== "عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ

وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ"== "وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ

خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما" =="يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ

أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت" =="لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ

وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ"== "بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ

سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً"== "لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ

هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا"== "هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ

وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ"== "كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ

فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ" =="كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ

لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما"== "وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ

تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا"== "وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ

يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي" =="وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي

المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ"== "لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ

مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى"== "وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ

اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ"== "من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ

وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ"== "يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ

هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ"== "تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ

البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ"== "وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ

شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ"== "وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ

وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ"== "إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي

تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها"== "في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ

مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ"== "عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ

كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى"== "يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ

بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ"== "كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ

ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً"== "وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ

اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ"== "وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ

إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم»"== "فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ»

أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ" =="وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ

وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً"== "فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ

قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا"== "لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ

جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ"== "فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ

لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ"== "تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ

وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ" =="ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ

سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ" =="بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ

طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها"== "في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ

لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها"== "بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ

لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ"== "وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ

لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى"== "لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ

جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ" =="إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ

أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ"== "فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ

عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ"== "حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ

دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ" =="وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ

لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ"== "ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ

تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ"== "في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ

بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ"== "لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ

أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ"== "وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ

مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها"== "تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ

عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ"== "للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ

مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ"== "شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ

لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى"== "بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ

بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ"== "مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ

كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ"== "مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ

لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما"== "تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ

شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها"== "عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ

يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها"== "كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ

غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى"== "وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ

نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها"== "تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ

يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى"== "حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ

لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ"== "مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ

وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً"== "رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ

كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها"== "في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ

لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا"== "مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ

سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ"== "وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ

ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ"== "إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ

لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ"== "وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ

نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا" =="عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ

دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا"== "كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ

وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ"== "هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ

وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ"== "في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ

دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ"== "دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ

ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ" =="وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ

وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها"== "عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ

مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ" =="تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ

وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ"== "فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ

يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا"== "مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ

وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ"== "وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ

خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ"== "فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ

مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً" =="وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ

وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا"== "بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ

الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ" =="وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ


أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ"== "يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ

وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها"== "عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ

جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما"== "جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي

وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ" =="بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ

بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ"== "أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ

وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ"== "في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ

يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ"== "في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ

لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ"== "ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ

يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى"== "نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ

مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها"== "إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ

مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً"== "ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ

رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا" =="وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ

وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ"== "جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ

بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ"== "شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى

وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً"== "في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ

الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ"== "ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ

الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ"== "الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ

يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها"== "وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ

سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ" =="تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ

رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ"== "أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ

فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا"== "وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ

يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ"== "فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ





صفي الدين الحلي



سـلي الـرماح الـعوالي عن معالينا *** واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا
 وسـائلي الـعرب والأتراك ما فعلت *** فـي أرض قـبر عـبيد الله أيـدينا
 لـما سـعينا فـما رقـت عـزائمنا *** عـما نـروم ولا خـابت مـساعينا
 يـا يـوم وقـعة زوراء العراق وقد *** دنـا الأعـادي كـما كـانوا يدينونا
 بـضـمر مــا ربـطناها مـسومة *** إلا لـنغزو بـها مـن بـات يغزونا
 وفـتية إن نـقل أصغوا مـسامعهم *** لـقـولنا أو دعـونـاهم أجابونا
 قـوم إذا اسـتخصموا كـانوا فراعنة *** يـوما وان حـكموا كـانوا مـوازينا
 تـدرعوا الـعقل جـلبابا فإن حميت *** نـار الـوغى خـلتهم فـيها مجانينا
 إذا ادعـوا جـاءت الـدنيا مـصدقة *** وإن دعــوا قـالـت الأيام أمينا
 إن الـزرازيـر لـمـا قـام قـائمها *** تـوهمت أنها صـارت شـواهينا
 ظـنت تأني البزاة الشهب عن جزع *** ومـا درت أنـه قـد كـان تـهوينا
 بـيادق ظـفرت أيدي الـرخاخ بها *** ولــو تـركناهم صـادوا فـرازينا
 ذلـوا بـأسيافنا طـول الـزمان فمذ *** تـحـكموا أظـهروا أحـقادهم فـينا
 لـم يـغنهم مـالنا عـن نهب أنفسنا *** كـأنـهم فـي أمـان مـن تـقاضينا
 اخـلوا الـمساجد مـن أشياخنا وبغوا *** حـتـى حـملنا فـأخلينا الـدواوينا
 ثـم انـثنينا وقـد ظـلت صوارمنا *** تـميس عـجبا ويـهتز الـقنا لـينا
 ولـلـدماء عـلـى أثـوابـنا عـلق *** بـنشره عـن عـبير الـمسك يغنينا
 فـيا لـها دعـوة في الأرض سائرة *** قـد أصـبحت فـي فـم الأيام تلقينا
 إنــا لـقوم أبـت أخـلاقنا شـرفا *** أن نـبتدي بـالأذى مـن ليس يؤذينا
 بـيـض صـنائعنا سـود وقـائعنا *** خـضر مـرابعنا حـمر مـواضينا
 لا يـظهر الـعجز منا دون نيل منى *** ولــو رأيـنا الـمنايا فـي أمـانينا
 إذا جـرينا إلى سـبق الـعلى طلقا *** إن لـم نـكن سـبقا كـنا مـصلينا
 تـدافـع الـقـدر الـمحتوم هـمتنا *** عـنا ونـخصم صرف الدهر لو شينا
 نـغشى الـخطوب بـأيدينا فـندفعها *** وإن دهـتـنـا دفـعـناها بـأيـدينا
 مـلك إذا فـوقت نـبل الـعدو لـنا *** رمـت عـزائمه مـن بـات يرمينا
 عـزائـم كـالنجوم الـشهب ثـاقبة *** مـا زال يـحرق مـنهن الـشياطينا
 أعطى فـلا جوده قد كان عن غلط *** مـنه ولا أجـره قـد كـان مـمنونا
 كـم مـن عـدو لـنا أمسى بسطوته *** يـبدي الـخضوع لـنا ختلا وتسكينا
 كـالصل يـظهر لـينا عـند ملمسه *** حـتى يـصادف في الأعضاء تمكينا
 يـطوي لـنا الغدر في نصح يشير به *** ويـمزج الـسم فـي شـهد ويسقينا
 وقـد نـغض ونـغضي عـن قبائحه *** ولـم يـكن عـجزا عـنه تـغاضينا
 لـكن تـركناه إذ بـتنا عـلى ثـقة *** أن الأمــيـر يـكـافيه فـيـكفينا


هناك 3 تعليقات:

  1. حفظك الله ورعاك فأنت درة مكي نورها الذي يستضاء به

    ردحذف
  2. شكر جزيل الشكر
    اختيار ممياز

    ردحذف